واختلاسا، ومثل هذه البيعة جديرة أن تكون مهيجة للفتن، فعصم الله (1) من ذلك ووقى شرها، وذكر مثل ذلك في النهاية (2).
وأقول: إن سلمنا أن اللفظة الفتلة لا تدل على الذم، وأنه إنما أراد بها محض حقيقتها في اللغة، وهو الامر الذي يعمل فجأة من غير تردد ولا تدبر (3) وكان مظنة للشر والفساد، ففي قوله: وقى الله شرها، وأمره بقتل من دعا إلى مثلها، دلالة على أنه زلة قبيحة وخطيئة فاحشة، فالمستفاد من اللفظة بمجردها - وإن كان أعم من الزلة والخطيئة - إلا أنه حمل عليها، بل على أخص منها، لما هو في قوة المخصصة له، فليس كل زلة وخطيئة يستحق فاعلها القتل، ومن له أدنى معرفة بأساليب الكلام يعلم أنهم يكتفون في حمل اللفظ على أحد المعاني في صورة الاشتراك بأقل مما في هذا الكلام، وقول عمر: من دعاكم إلى مثلها فاقتلوه.. ومن عاد إلى مثلها فاقتلوه.. (4).. وإن لم يكن موجودا فيما حكاه في جامع الأصول (5) عن البخاري (6) إلا أن كونه من تتمة كلامه من المسلمات عند الفريقين، واعترف به ابن أبي الحديد (7)، ولا يريب عاقل في أنه لو وجد المتعصبون منهم - كقاضي القضاة والفخر الرازي وصاحب المواقف وشارحه وصاحب المقاصد وشارحه وغيرهم - سبيلا إلى إنكاره لما فاتهم ذلك، ولا احتاجوا إلى التأويلات الركيكة