بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٦٩
واختلاسا، ومثل هذه البيعة جديرة أن تكون مهيجة للفتن، فعصم الله (1) من ذلك ووقى شرها، وذكر مثل ذلك في النهاية (2).
وأقول: إن سلمنا أن اللفظة الفتلة لا تدل على الذم، وأنه إنما أراد بها محض حقيقتها في اللغة، وهو الامر الذي يعمل فجأة من غير تردد ولا تدبر (3) وكان مظنة للشر والفساد، ففي قوله: وقى الله شرها، وأمره بقتل من دعا إلى مثلها، دلالة على أنه زلة قبيحة وخطيئة فاحشة، فالمستفاد من اللفظة بمجردها - وإن كان أعم من الزلة والخطيئة - إلا أنه حمل عليها، بل على أخص منها، لما هو في قوة المخصصة له، فليس كل زلة وخطيئة يستحق فاعلها القتل، ومن له أدنى معرفة بأساليب الكلام يعلم أنهم يكتفون في حمل اللفظ على أحد المعاني في صورة الاشتراك بأقل مما في هذا الكلام، وقول عمر: من دعاكم إلى مثلها فاقتلوه.. ومن عاد إلى مثلها فاقتلوه.. (4).. وإن لم يكن موجودا فيما حكاه في جامع الأصول (5) عن البخاري (6) إلا أن كونه من تتمة كلامه من المسلمات عند الفريقين، واعترف به ابن أبي الحديد (7)، ولا يريب عاقل في أنه لو وجد المتعصبون منهم - كقاضي القضاة والفخر الرازي وصاحب المواقف وشارحه وصاحب المقاصد وشارحه وغيرهم - سبيلا إلى إنكاره لما فاتهم ذلك، ولا احتاجوا إلى التأويلات الركيكة

(١) في جامع الأصول: فعصمهم الله.
(٢) النهاية لابن الأثير ٣ / ٤٦٧ - ٤٦٨.
(٣) وقد جاء في القاموس ١ / ١٥٤، والصحاح ١ / ٢٦٠، ولسان العرب ٢ / ٦٧، والنهاية 3 / 467.
وقد مر.
(4) وقد ذكره ابن أبي الحديد في شرحه 2 / 26.
(5) جامع الأصول 4 / 91 في حديث 2076.
(6) صحيح البخاري 12 / 128 - 135، في مواطن متعددة في أبواب المحاربين، الاعتراف بالزنا، باب رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت، كتاب الاعتصام وغيرها من الأبواب، وذكر في صحيح مسلم مختصرا في باب الحدود، حديث 1691. باب رجم الثيب.
(7) في شرحه على النهج 2 / 26.
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691