ولا يخفى أن ما جعله ابن أبي الحديد عذرا لعمر - من أنه ليس فيهم كأبي بكر - باطل على مذهبه، فإنه يرى (1) أمير المؤمنين عليه السلام أفضل من أبي بكر (2)، على أن اشتراط بلوغ الفضل إلى ما بلغه أبو بكر - لو سلم له فضل - باطل من أصله، إذ لا يشترط في الامام - على رأي من شرط أفضلية الامام - إلا كونه أفضل أهل زمانه لا كونه مثل من كان إماما في زمان من الأزمان، وبطلان القول بأنه لم يكن في جملة المخاطبين حينئذ - وإن فرض تخصيص الخطاب بأهل ذلك العصر - من سبق غيره إلى الخيرات، أظهر من أن يخفى على أحد.
وقال في جامع الأصول (3) - في تفسير الفلتة -: الفجأة، وذلك أنهم لم ينتظروا ببيعة أبي بكر عامة الصحابة، وإنما ابتدرها عمر ومن تابعه.
قال: وقيل الفلتة آخر ليلة من الأشهر الحرم فيختلفون فيها أمن (4) الحل هي أم من الحرام فيسارع الموتور إلى درك الثار فيكثر الفساد ويسفك (5) الدماء، فشبه أيام رسول الله (ص) بالأشهر الحرم، ويوم موته بالفلتة في وقوع الشر من ارتداد العرب، وتخلف الأنصار عن الطاعة، ومنع من منع الزكاة، والجري على عادة العرب في أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها.
ويجوز أن يريد بالفلتة: الخلسة، يعني أن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليها الأنفس ولذلك كثر فيها التشاجر، فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي