جعلها شورى بين ستة نفر، وأخرج منها جميع العرب، ثم حطني (1) بذلك عند العامة فجعلهم مع ما أشربت قلوبهم من الفتنة والضلالة أقراني، ثم بايع ابن عوف عثمان فبايعوه، وقد سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عثمان ما سمعوا من لعنه إياه في غير موطن، فعثمان - على ما كان عليه - خير منهما، ولقد قال منذ أيام قولا رققت له (2) وأعجبتني مقالته، بينما أنا قاعد عنده في بيته إذ أتته عائشة وحفصة تطلبان ميراثهما من ضياع أموال (3) رسول الله صلى الله عليه وآله التي في يديه (4)، فقال: ولا كرامة (5) لكن أجيز شهادتكما على أنفسكما، فإنكما شهدتما عند أبويكما أنكما سمعتما من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن النبي (ص) (6) لا يورث ما ترك فهو صدقة، ثم لقنتما أعرابيا جلفا يبول على عقبيه يتطهر ببوله - مالك بن الحرث بن الحدثان - فشهد معكما، لا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ولا من الأنصار أحد شهد بذلك غير أعرابي، أما والله ما أشك في أنه قد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وكذبتما عليه معه، فانصرفتا من عنده تبكيان وتشتمانه، فقال: ارجعا، ثم قال: أشهدتما (7) بذلك (8) عند أبي بكر؟!. قالتا: نعم. قال: فإن شهدتما بحق فلا حق لكما، وإن كنتما شهدتما بباطل فعليكما وعلى من أجاز شهادتكما على أهل هذا البيت لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. قال: ثم نظر إلي فتبسم وقال: يا أبا الحسن! شفيتك منهما؟.
قلت: نعم والله وأبلغت، وقلت حقا، فلا يرغم الله إلا بأنفيهما، فرققت لعثمان