من (1) توعد عدوك، وقد يجوز أن يكون طلب ذلك لقومه وقد سألوه أن يرغب إلى الله فيه، فقال ليطمئن قلبي إلى إجابتك لي والى إزاحة علة قومي، ولم يرد ليطمئن قلبي إلى أنك تقدر أن تحيي الموتى، لان قلبه قد كان (2) بذلك مطمئنا، وأي شئ يريد أبو بكر من التفصيل (3) أكثر من قوله: إن هذا الامر لا يصلح إلا لهذا الحي من قريش، وأي فرق بين ما يقال عند الموت وبين ما يقال قبله إذا كان محفوظا معلوما لم يرفع حكمه ولم ينسخ.
وبعد، فظاهر الكلام لا يقتضي هذا التخصيص ونحن مع الاطلاق والظاهر، وأي حق يجوز أن يكون للأنصار في الإمامة غير أن يتولاها رجل منهم حتى يجوز أن يكون الحق الذي تمنى أن يسأل عنه غير الإمامة؟ وهل هذا إلا تعسف وتكلف؟! وأي شبهة تبقى بعد قول أبي بكر: ليتني كنت سألته هل للأنصار في هذا الامر حق فكنا لا ننازعه أهله؟ ومعلوم أن التنازع بينهم لم يقع إلا (4) في الإمامة نفسها لا في حق آخر من حقوقها.
فأما قوله: إنا قد بينا أنه لم يكن منه في بيت فاطمة عليها السلام ما يوجب أن يتمنى أنه (5) لم يفعله، فقد بينا فساد ظنه فيما تقدم (6).
فأما قوله: إن من اشتد التكليف عليه قد يتمنى خلافة.. فليس بصحيح، لأن ولاية أبي بكر إذا كانت هي التي اقتضاها الدين والنظر للمسلمين في تلك الحال، وما عداها كان مفسدة ومؤديا إلى الفتنة، فالتمني بخلافها لا يكون إلا قبيحا.