بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٩ - الصفحة ٦١٣
من وحيه، وجعلهم حجة له على خلقه، لئلا تجب الحجة لهم بترك الاعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق، ألا إن الله قد كشف الحق (1) كشفة، لا أنه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم ومكنون ضمائرهم، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا، فيكون الثواب جزاء، والعقاب بواء.
أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا؟! أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى ويستجلى (2) العمى: إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم.
منها: آثروا عاجلا، وأخروا آجلا، وتركوا صافيا، وشربوا آجنا، كأني أنظر إلى فاسقهم وقد صحب المنكر فألفه، وبسى به ووافقه حتى شابت عليه مفارقه، وصبغت به خلائقه، ثم أقبل مزبدا (3) كالتيار لا يبالي ما غرق، أو كوقع النار في الهشيم لا يحفل ما حرق، أين العقول المستصبحة بمصابيح الهدى، والابصار اللامحة إلى منار التقوى؟ أين القلوب التي وهبت لله! وعوقدت على طاعة الله؟
ازدحموا على الحطام، وتشاحوا على الحرام، ورفع لهم علم الجنة والنار فصرفوا على الجنة وجوههم، وأقبلوا إلى النار بأعمالهم، دعاهم ربهم فنفروا وولوا، ودعاهم الشيطان فاستجابوا وأقبلوا!.
ايضاح: الكشف.. أريد به هنا الابتلاء الذي هو سببه. وقال في النهاية:
الجراحات بواء.. أي سواء في القصاص.. ومنه حديث علي عليه السلام (4)،

(١) في النهج: كشف الخلق.. وهو الظاهر، أي علم حالهم في جميع أطوارهم.
(٢) في (ك): وبنا يستجلى.
(٣) قال في الصحاح ٢ / 480: بحر مزبد: مائج يقذف بالزيد. وفي (س): مزيدا، بدلا من:
مزبدا.
(4) ذكر الترضية في المصدر بدلا من التسليم.
(٦١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 مقدمة المحقق مقدمة المحقق 5
3 الباب الخامس: احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على أبي بكر وغيره في أمر البيعة 3
4 الباب السادس: منازعة أمير المؤمنين عليه السلام العباس في الميراث 67
5 الباب السابع: نوادر الاحتجاج على أبي بكر 77
6 الباب الثامن: احتجاج سلمان وأبي بن كعب وغيرهما على القوم 79
7 الباب التاسع: ما كتب أبو بكر إلى جماعة يدعوهم إلى البيعة وفيه بعض أحوال أبي قحافة 91
8 الباب العاشر: إقرار أبي بكر بفضل أمير المؤمنين وخلافته بعد الغصب 99
9 الباب الحادي عشر: نزول الآيات في أمر فدك وقصصه وجوامع الاحتجاج فيه وفيه قصة خالد وعزمه على قتل أمير المؤمنين عليه السلام بأمر المنافقين 105
10 فصل: نورد فيه خطبة خطبتها سيدة النساء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها احتجت بها على من غصب فدك منها 215
11 فصل: في الكلام على من يستفاد من أخبار الباب، والتنبيه على ما ينتفع به طالب الحق والصواب وهو مشتمل على فوائد الأولى: في عصمة الزهراء سلام الله عليها. 335
12 الثانية: أنها سلام الله عليها محقة في دعوى فدك 342
13 الثالثة: فدك نحلة للزهراء عليها السلام ظلمت بمنعها 346
14 الرابعة: بطلان دعوى أبي بكر من عدم توريث الأنبياء 351
15 الباب الثاني عشر: العلة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليه السلام فدك لما ولي الناس 395
16 الباب الثالث عشر: علة قعوده عليه السلام عن قتال من تأمر عليه من الأوليين وقيامه إلى القتال من بغى عليه من الناكثين والقاسطين والمارقين، وعلة إمهال الله من تقدم عليه، وفيه علة قيام من قام من سائر الأئمة وقعود من قعد منهم عليهم السلام 417
17 الباب الرابع عشر: العلة التي من أجلها ترك الناس عليا عليه السلام 479
18 الباب الخامس عشر: شكاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه عمن تقدمه من المتغلبين الغاصبين والخطبة الشقشقية 497
19 شكايته من الغاصبين 549
20 حكاية ظريفة تناسب المقام 647
21 حكاية أخرى 648
22 تتميم 650