الله عنه أنه قال: التقية قد تجب أحيانا وتكون فرضا، وتجوز أحيانا من غير وجوب ويكون في وقت أفضل من تركها، وقد يكون تركها أفضل وإن كان فاعلها معذورا ومعفوا عنه، متفضلا عليه بترك اللوم عليها (1).
وقال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله: ظاهر الروايات يدل على أنها واجبة عند الخوف على النفس، وقد روى رخصة في جواز الافصاح بالحق عنده (2).
وأنت إذا وقفت على ما حكيناه ظهر لك أن القول بالتقية ليس من خصائص الخاصة حتى يعيروا به - كما يوهمه كلام قاضي القضاة والفخر الرازي وغيرهما - وأكثر أحكامها مما قال به جل العامة أو طائفة منهم.
ثم إن ما جعله قاضي القضاة من مفاسد القول بجواز التقية على الامام - أعني لزوم جوازها على الرسول صلى الله عليه وآله - مما رووه في أخبارهم واتفقوا على صحته.
روى البخاري في صحيحه في باب فضل مكة وبنيانها بأربعة أسانيد (3)، ومسلم في صحيحه (4)، ومالك في الموطأ (5)، والترمذي (6) والنسائي في صحيحهما (7)، وذكرهما في جامع الأصول في فضل الأمكنة من حرف الفاء بألفاظ مختلفة (8).