حمل ابن الزبير على هدمه. قال يزيد: وشهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت أساس إبراهيم عليه السلام حجارة كأسنمة الإبل، قال جرير: فقلت له أين موضعه؟ قال: أريكه الآن، فدخلت معه الحجر، فأشار إلى مكان فقال: هاهنا. فخررت من الحجر ستة أذرع أو نحوها.. (1) وباقي ألفاظ الروايات مذكورة في جامع الأصول (2).
ولا ريب في أن الظاهر أن تعليق الامضاء بحدثان عهد القوم وقربه من الكفر والجاهلية يستلزم خوفه صلى الله عليه وآله في ارتدادهم وخروجهم عن الاسلام أن يعود بذلك ضرر على نفسه (3) صلى الله عليه وآله أو إلى غيره، ويتطرق بذلك الوهن في الاسلام، وذلك هو الذي جعله قاضي القضاة مفزعا للشيعة عند لزوم الكلام.
ثم إن هذه الروايات تدل دلالة ظاهرة على أن إيمان القوم لم يكن ثابتا مستقرا، وإلا لما كان الرسول صلى الله عليه وآله خائفا وجلا من تغيير ما أسسه أئمة القوم في الجاهلية والكفر، وإنهم ممن قال الله تعالى: [ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين] (4). بل الظاهر من الكلام لمن أنصف وراجع الوجدان الصحيح أن القوم لم يكونوا مذعنين لرسالته صلى الله عليه وآله إلا بألسنتهم، وإلا لما خاف ارتدادهم (5) لأمر لا يعود بإبقائه إليهم نفع في آخرتهم ودنياهم، وكانوا يحبون بقاءه لكونه من قواعد الجاهلية وأساس الكفر، ولا ريب في أن توجيه الكلام إلى عائشة والتعبير عن القوم بلفظ يفيد نوعا من الاختصاص