بها يقتضي كون الحكم أخص وأقرب إلى من كان أقرب إليها وأخص بها، لكونه متبعا في القوم أو أشد عصبية منهم.. أو نحو ذلك، وليس في القوم أقرب إلى عائشة من أبيها.
فإن قيل: تركه صلى الله عليه وآله لهدم ما أسسه القوم لم يكن لخوفه على نفسه أو غيره حتى يدخل في التقية، بل هو من قبيل رعاية المصالح في تأليف قلوب القوم وميلهم إلى الاسلام، وذلك من قبيل أمره سبحانه بمشاورة القوم والرفق بهم في قوله: [فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر] (1).
قلنا: أولا: هذا بعيد من الظاهر، إذ الخوف من إنكار قلوب عامة القوم - كما يظهر من إضافة ما يفيد مفاد الجمع لحدثان عهدهم بالجاهلية والكفر مع الامن من لحوق الضرر ولو إلى أحد من المسلمين - مما لا معنى له عند الرجوع إلى فطرة سليمة.
وثانيا: انه يجوز أن يكون المانع لأمير المؤمنين عليه السلام من نقض أحكامهم مثل ذلك، ولم يكن أئمة الكفر والجاهلية في صدور قوم عائشة أمكن من أبي بكر وعمر في قلوب القوم الذين كانوا يبايعون أمير المؤمنين (ع) على سيرتهما واقتفاء أثرهما، وإذا لم يكن ذلك من التقية بطل قول قاضي القضاة، وليس لهم بعد ذلك إلا التعلق بالتقية التي هي مفزعهم عند لزوم الكلام.
وثالثا: إذا جاز على الرسول صلى الله عليه وآله ترك الانكار على تغيير ما حرم الله خوفا من هذا النوع من الضعف في الاسلام الذي يؤول إلى خروج قوم منافقين أو متزلزلين في الاسلام عن الاسلام عن الاسلام من غير أن يعود به ضرر إلى المسلمين ولا إلى نفسه صلى الله عليه وآله، فبالأولى أن يجوز لأمير المؤمنين إمضاء الباطل من أحكام القوم للخوف على نفسه أو غيره من المسلمين، لكون ذلك أضر في