بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٥٣
لإضافته إلى السماء الرابعة ولا إلى السماء الأولى، ومن تأمل ما ذكرناه علم أن تأويل الآية على ما ذكره المتعلق بالحديث بعيد عن الصواب انتهى كلامه رفع الله مقامه (1).
وأقول: أما الاعتراض الأول الذي أورده قدس سره على الصدوق رحمه الله فغير وارد، إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أن جميع الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه أثبتها في اللوح المحفوظ قبل خلق السماء والأرض، ثم ينزل منها بحسب المصالح في كل وقت وزمان، وأما انطباقها على الوقائع المتأخرة فلا ينافي ذلك، لان الله تعالى عالم بما يتكلمون ويصدر منهم ويقع بينهم بعد ذلك، فأثبت في القرآن المثبت في اللوح جواب جميع ذلك على وفق علمه الذي لا يتخلف، فالمضي إنما يكون بالنسبة إلى زمان التبليغ إلى الخلق فلا استبعاد في أن ينزل هذا الكتاب جملة على النبي (صلى الله عليه وآله) ويأمره بأن لا يقرأ على الأمة شيئا منه إلا بعد أن ينزل كل جزء منه في وقت معين يناسب تبليغه، وفي واقعة معينة يتعلق بها، وأما تشبيه صاحب هذا القول بالمشبهة القائلين بقدم كلام الله فلا يخفى ما فيه، لان صاحب هذا القول لا يقول بقدم القرآن المؤلف من الحروف، ولا بكونه صفة قديمة لله، قائمة بذاته تعالى، فأي مفسدة تلزم عليه، وأما المشابهة في أنه يمكن نفي القولين بتلك الآيات ففيه أن نفي هذا المذهب السخيف أيضا بتلك الآيات لا يتم بل ثبت بطلانه بسائر البراهين الموردة في محالها، وأما الاعتراضات التي أوردها على تفسير الصدوق للآية الكريمة فلعلها مبنية على الغفلة عن مراده فإن الظاهر أن الصدوق رحمه الله أراد بذلك الجمع بين الآيات والروايات، ودفع ما يتوهم من التنافي بينها، لأنه دلت الآيات على نزول القرآن في ليلة القدر، والظاهر نزول جميعه فيها، ودلت الآثار والاخبار على نزول القرآن في عشرين أو ثلاث وعشرين سنة، وورد في بعض الروايات أن القرآن نزل في أول ليلة من شهر رمضان، ودل بعضها على أن ابتداء نزوله في المبعث فجمع بينها بأن: في ليلة القدر نزل القرآن جملة من اللوح إلى السماء الرابعة لينزل من السماء الرابعة إلى الأرض بالتدريج، ونزل في أول ليلة من شهر رمضان جملة القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله) ليعلم هو، لا ليتلوه على الناس، ثم ابتداء نزوله آية آية وسورة سورة في المبعث أو غيره

(1) تصحيح الاعتقادات 57 - 60.
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410