أيها الناس إني رسول الله، ثلاثا فرمقه الناس بأبصارهم، ورماه أبو جهل قبحه الله بحجر فشج بين عينيه، وتبعه المشركون بالحجارة فهرب حتى أتى الجبل فاستند إلى موضع يقال له: المتكأ وجاء المشركون في طلبه، وجاء رجل إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) و قال: يا علي قد قتل محمد، فانطلق إلى منزل خديجة - رضي الله عنها - فدق الباب فقالت خديجة: من هذا؟ قال: أنا علي قالت: يا علي ما فعل محمد؟ قال: لا أدري إلا أن المشركين قد رموه بالحجارة، وما أدري أحي هو أم ميت، فأعطيني شيئا فيه ماء وخذي معك شيئا من هيس (1) وانطلقي بنا نلتمس رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنا نجده جائعا عطشانا، فمضى حتى جاز الجبل وخديجة معه فقال علي: يا خديجة استبطني (2) الوادي حتى أستظهره، فجعل ينادي: يا محمداه، يا رسول الله، نفسي لك الفداء في أي واد أنت ملقى؟ وجعلت خديجة:
تنادي من أحس لي النبي المصطفى؟ من أحس لي الربيع المرتضى؟ من أحس لي المطرود في الله؟ من أحس لي أبا القاسم؟ وهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فلما نظر إليه النبي (صلى الله عليه وآله) بكى وقال: ما ترى ما صنع بي قومي؟ كذبوني وطردوني وخرجوا علي، فقال يا محمد ناولني يدك فأخذ يده فأقعده على الجبل، ثم أخرج من تحت جناحه درنوكا (3) من درانيك الجنة منسوجا بالدر والياقوت وبسطه حتى جلل به جبال تهامة، ثم أخذ بيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أقعده عليه، ثم قال له جبرئيل: يا محمد أتريد أن تعلم كرامتك على الله؟ قال نعم، قال: فادع إليك تلك الشجرة تجبك، فدعاها فأقبلت حتى خرت بين يديه ساجدة، فقال: يا محمد مرها ترجع فأمرها فرجعت إلى مكانها، وهبط عليه إسماعيل حارس السماء الدنيا فقال: السلام عليك يا رسول الله، قد أمرني ربي أن أطيعك، أفتأمرني أن أنثر عليهم النجوم فأحرقهم، وأقبل ملك الشمس فقال: السلام عليك يا رسول الله، أتأمرني أن آخذ عليهم الشمس فأجمعها على رؤوسهم فتحرقهم، وأقبل ملك الأرض فقال: السلام عليك يا رسول الله: إن الله عز وجل قد أمرني أن أطيعك، أفتأمرني أن آمر الأرض فتجعلهم في بطنها