فهبطت فإذا ماء البئر قد صار كأنه ماء الحناء من السحر (1)، فطلبته مستعجلا حتى انتهيت إلى أسفل القليب فلم أظفر به، قال الذين معي: ما فيه شئ فاصعد، فقلت: لا والله ما كذبت وما كذبت (2) وما يقيني به مثل يقينكم، يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم طلبت طلبا بلطف فاستخرجت حقا فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: افتحه، ففتحته فإذا في الحق قطعة كرب النخل في جوفه وتر عليها أحد عشر (3) عقدة، وكان جبرئيل (عليه السلام) أنزل يومئذ المعوذتين على النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي اقرأهما على الوتر، فجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى فرغ منها، وكشف الله عز وجل عن نبيه ما سحر به وعافاه.
ويروى أن جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام) أتيا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فجلس أحدهما عن يمينه. والآخر عن شماله، فقال جبرئيل لمكائيل: ما وجع الرجل؟ فقال ميكائيل: هو مطبوب: فقال جبرئيل (عليه السلام): ومن طبه؟ قال لبيد بن أعصم اليهودي، ثم ذكر الحديث إلى آخره (4).
بيان: الكرب بالتحريك: أصول السعف العراض الغلاظ، وقال الجزري: فيه أنه احتجم حين طب، أي سحر، ورجل مطبوب أي مسحور، كنوا بالطب عن السحر تفاءلا بالبئر، كما كنوا بالسليم عن اللديغ انتهى.
أقول: المشهور بين الامامية عدم تأثير السحر في الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وأولوا بعض الأخبار الواردة في ذلك، وطرحوا بعضها، وقد أشار إليه الراوندي رحمه الله فيما سبق.
وقال الطبرسي رحمه الله: روي أن لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله)،