بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٧٩
يمنعونه من الله " أولئك في ضلال مبين " أي عدول عن الحق ظاهرا انتهى كلامه رفع مقامه (1).
وقال الرازي: روي عن الحسن أن هؤلاء من الجن كانوا يهودا لان في الجن مللا كما في الانس، والمحققون على أن الجن مكلفون، سئل ابن عباس هل للجن ثواب؟ قال: نعم لهم ثواب وعليهم عقاب يلتقون في الجنة، ويزدحمون على أبوابها، ثم قال: واختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم لا؟ فقيل: لا ثواب لهم إلا النجاة من النار، ثم يقال لهم: كونوا ترابا مثل البهائم! واحتجوا بقوله تعالى: " ويجركم من عذاب أليم " وهو قول أبي حنيفة، والصحيح أنهم في حكم بني آدم في الثواب والعقاب وهذا قول ابن أبي ليلى ومالك، وكل دليل يدل على أن البشر يستحقون الثواب على الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن، والفرق بين البابين بعيد جدا (2).
وقال الطبرسي في قوله تعالى: " قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن " أي استمع القرآن طائفة من الجن وهم جيل رقاق الأجسام، خفية (3) على صورة مخصوصة بخلاف صورة الانسان والملائكة، فإن الملك مخلوق من النور، والانس من الطين، والجن من النار " فقالوا " أي الجن بعضها لبعض: " إنا سمعنا قرآنا عجبا " العجب ما يدعو إلى التعجب منه لخفاء سببه وخروجه عن العادة (4) " يهدي إلى الرشد " أي الهدى " فآمنا به " أي بأنه من عند الله " ولن نشرك " فيما بعد " بربنا أحدا " فنوجه العبادة إليه، وفيه دلالة على أنه (صلى الله عليه وآله) كان مبعوثا إلى الجن أيضا، وأنهم عقلاء مخاطبون، وبلغات العرب عارفون، وأنهم يميزون بين المعجز وغير المعجز، وأنهم دعوا قومهم إلى الاسلام وأخبروهم بإعجاز القرآن وأنه كلام الله تعالى.

(١) مجمع البيان ٩: ٩١ - ٩٤.
(٢) مفاتيح الغيب: تفسير سورة الأحقاف ج ٢٨ ص ٣١.
(٣) في المصدر: خفيفة.
(٤) في المصدر: زيادة لم يوردها المصنف وهي: وخروجه عن العادة في مثله، فلما كان القرآن قد خرج بتأليفه المخصوص عن العادة في الكلام وخفى سببه عن الأنام كان عجبا لا محالة، وأيضا فإنه مباين لكلام الخلق في المعنى والفصاحة والنظام، لا يقدر أحد على الاتيان بمثله، وقد تضمن أخبار الأولين والآخرين وما كان وما يكون أجراه الله على يد رجل أمي فاستعظموه وسموه عجبا.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410