يمنعونه من الله " أولئك في ضلال مبين " أي عدول عن الحق ظاهرا انتهى كلامه رفع مقامه (1).
وقال الرازي: روي عن الحسن أن هؤلاء من الجن كانوا يهودا لان في الجن مللا كما في الانس، والمحققون على أن الجن مكلفون، سئل ابن عباس هل للجن ثواب؟ قال: نعم لهم ثواب وعليهم عقاب يلتقون في الجنة، ويزدحمون على أبوابها، ثم قال: واختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم لا؟ فقيل: لا ثواب لهم إلا النجاة من النار، ثم يقال لهم: كونوا ترابا مثل البهائم! واحتجوا بقوله تعالى: " ويجركم من عذاب أليم " وهو قول أبي حنيفة، والصحيح أنهم في حكم بني آدم في الثواب والعقاب وهذا قول ابن أبي ليلى ومالك، وكل دليل يدل على أن البشر يستحقون الثواب على الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن، والفرق بين البابين بعيد جدا (2).
وقال الطبرسي في قوله تعالى: " قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن " أي استمع القرآن طائفة من الجن وهم جيل رقاق الأجسام، خفية (3) على صورة مخصوصة بخلاف صورة الانسان والملائكة، فإن الملك مخلوق من النور، والانس من الطين، والجن من النار " فقالوا " أي الجن بعضها لبعض: " إنا سمعنا قرآنا عجبا " العجب ما يدعو إلى التعجب منه لخفاء سببه وخروجه عن العادة (4) " يهدي إلى الرشد " أي الهدى " فآمنا به " أي بأنه من عند الله " ولن نشرك " فيما بعد " بربنا أحدا " فنوجه العبادة إليه، وفيه دلالة على أنه (صلى الله عليه وآله) كان مبعوثا إلى الجن أيضا، وأنهم عقلاء مخاطبون، وبلغات العرب عارفون، وأنهم يميزون بين المعجز وغير المعجز، وأنهم دعوا قومهم إلى الاسلام وأخبروهم بإعجاز القرآن وأنه كلام الله تعالى.