بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٧٨
وقال آخرون: امر رسول اله (صلى الله عليه وآله) أن ينذر الجن ويدعوهم إلى الله، ويقرأ عليهم القرآن فصرف الله إليه نفرا من الجن من نينوى، فقال (صلى الله عليه وآله): إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة، فأيكم يتبعني؟ فاتبعه عبد الله بن مسعود، قال عبد الله: ولم يحضر معه أحد غيري، فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة، ودخل نبي الله شعبا يقال له: شعب الحجون، وخط لي خطا، ثم أمرني أن أجلس فيه وقال: لا تخرج منه حتى أعود إليك ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن فغشيته أسودة (1) كثيرة حتى حالت بيني وبينه، حتى لم أسمع صوته، ثم انطلقوا وطفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين حتى بقي منهم رهط. وفرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع الفجر فانطلق فبرز، ثم قال: هل رأيت شيئا؟
فقلت: نعم رأيت رجالا سودا مستثفري (2) ثياب بيض قال: أولئك جن نصيبين. وروى علقمة، عن عبد الله قال: لم أكن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة الجن، ووددت أني كنت معه، وروي عن ابن عباس أنهم كانوا سبعة نفر من جن نصيبين، فجعلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) رسلا إلى قومهم، وقال زر بن حبيش: كانوا تسعة نفر منهم: زوبعة، وروى محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: لما قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) " الرحمن (3) " على الناس سكتوا فلم يقولوا شيئا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الجن كانوا أحسن جوابا منكم، لما قرأت عليهم " فبأي آلاء ربكما تكذبان (4) " قالوا: " لا ولا بشئ من آلائك ربنا نكذب ".
" يا قومنا أجيبوا داعي الله " يعنون محمدا (صلى الله عليه وآله) إذ دعاهم إلى توحيده وخلع الأنداد دونه " وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم " أي إن آمنتم بالله ورسوله يغفر لكم " ويجركم من عذاب أليم " في هذا دلالة على أنه (عليه السلام) كان مبعوثا إلى الجن، كما كان مبعوثا إلى الانس، ولم يبعث الله نبيا إلى الإنس والجن قبله " ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض " أي لا يعجز الله فيسبقه ويفوته " وليس له من دونه أولياء " أي أنصارا

(1) الاسودة: جمع السواد.
(2) استثفر بثوبه: ثنى طرفه فأخرج من بين فخذيه وغرزه في حجزته.
(3) السورة: 55.
(4) الآية: 16 وغيرها.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410