ثم ضرب المعول بيده وسط الصخرة برقت منها برقة، فنظر المسلمون فيها إلى قصور اليمن وبلدانها، ثم ضربها ضربة أخرى فبرقت برقة أخرى نظر (1) المسلمون فيها إلى قصور العراق وفارس ومدنها، ثم ضربها الثالثة فانهارت الصخرة (2) قطعا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ما الذي رأيتم في كل برقة؟ قالوا: رأينا في الأولى كذا، وفي الثانية كذا، وفي الثالثة كذا قال سيفتح الله عليكم ما رأيتموه، قال جابر: وكان في منزلي صاع من شعير وشاة مشدودة فصرت إلى أهلي فقلت: رأيت الحجر على بطن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأظنه جائعا، فلو أصلحنا هذا الشعير وهذه الشاة ودعونا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلينا كان لنا قربة عند الله، قالت: فاذهب فأعلمه، فإن أذن فعلناه، فذهبت فقلت له: يا رسول الله إن رأيت أن تجعل غداءك اليوم عندنا، قال: وما عندك؟ قلت: صاع من الشعير وشاة، قال: أفأصير إليك مع من أحب أو أنا وحدي؟ قال: فكرهت أن أقول: أنت وحدك قلت: بل مع من تحب، وظننته يريد عليا (عليه السلام) بذلك، فرجعت إلى أهلي فقلت: أصلحي أنت الشعير، وأنا أصلح (3) الشاة، ففرغنا من ذلك، وجعلنا الشاة كلها قطعا في قدر واحدة وماء وملحا، وخبزت أهلي ذلك الدقيق، فصرت إليه وقلت: يا رسول الله قد أصلحنا ذلك، فوقف على شفير الخندق ونادى بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أجيبوا دعوة جابر، فخرج جميع المهاجرين والأنصار، فخرج النبي - (صلى الله عليه وآله وسلم) - والناس (4) ولم يكن بمر بملا من أهل المدينة إلا قال: أجيبوا دعوة جابر فأسرعت إلى أهلي (5) وقلت: قد أتانا مالا قبل لنا به، و عرفتها خبر الجماعة، فقالت: ألست قد عرفت رسول الله ما عندنا؟! قلت: بلى، قالت، فلا عليك هو أعلم بما يفعل، فكانت أهلي أفقه مني، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس بالجلوس خارج الدار، ودخل هو وعلي الدار، فنظر في التنور والخبز فيه فتفل فيه وكشف القدر فنظر فيها، ثم قال للمرأة: اقلعي من التنور رغيفا رغيفا، وناوليني واحدا