فقلت: على حاله، فقال: لمن هذا (1)؟ قلت: لفلان اليهودي، قال: متى حينه؟ قلت:
وقت جفاف التمر قال: إذا جف التمر فلا تحدث فيه حتى تعلمني، واجعل كل صنف من التمر على حدة (2)، ففعلت ذلك وأخبرته (صلى الله عليه وآله)، فصار معي إلى التمر وأخذ من كل صنف قبضة بيده وردها فيه، ثم قال: هات اليهودي فدعوته فقال له رسول الله: اختر من هذا التمر أي صنف شئت، فخذ دينك منه، فقال اليهودي: وأي مقدار لهذا التمر كله حتى آخذ صنفا بينه (3)؟ ولعل كله لا يفي بديني، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اختر أي صنف شئت فابتدئ به، فأومأ إلى صنف الصيحاني فقال: أبتدئ به فقال (4): بسم الله، فلم يزل يكيل منه حتى استوفى منه دينه كله، والصنف على حاله ما نقص منه شئ، ثم قال (صلى الله عليه وآله):
يا جابر هل بقي لاحد عليك شئ من دينه قلت: لا، قال: فاحمل تمرك بارك الله لك فيه، فحملته إلى منزلي وكفانا السنة كلها، فكنا نبيع منه لنفقتنا ومؤونتنا ونأكل منه ونهب منه ونهدي إلى وقت التمر الجديد (5)، والتمر على حاله إلى أن جاءنا الجديد (6).
25 - الخرائج: روي عن جابر قال: لما اجتمعت الأحزاب من العرب لحرب الخندق واستشار النبي (صلى الله عليه وآله) المهاجرين والأنصار في ذلك فقال سلمان: أن العجم إذا حزبها (7) أمر مثل هذا اتخذوا الخنادق حول بلدانهم، وجعلوا القتال من وجه واحد، فأوحى الله إليه أن يفعل مثل ما قال سلمان، فخط رسول الله (صلى الله عليه وآله) الخندق حول المدينة، وقسمه بين المهاجرين والأنصار بالذراع، فجعل لكل عشرة منهم عشرة أذرع، قال جابر: فظهرت يوما من الخط لنا صخره عظيمة لم يمكن كسرها، ولا كانت المعاول تعمل فيها، فأرسلني أصحابي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأخبره بخبرها، فصرت إليه فوجدته مستلقيا وقد شد على بطنه الحجر، فأخبرته بخبر الحجر، فقام مسرعا فأخذ الماء في فمه فرشه على الصخرة،