برؤيته مثالهم، ويشكر الله تعالى على ما منحه من تفضيلهم وإجلالهم، وهذا في العقول من الممكن المقدور، ويجوز أيضا أن يكون الله تعالى خلق على صورهم ملائكة في سمائه يسبحونه ويقدسونه لتراهم ملائكته الذين قد أعلمهم بأنهم سيكونون في أرضه حججا له على خلقه، فيتأكد عندهم منازلهم، وتكون رؤيتهم تذكارا لهم بهم، وبما سيكون من أمرهم، وقد جاء في الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأى في السماء لما عرج به ملكا على صورة أمير المؤمنين، وهذا حديث قد اتفق أصحاب الحديث على نقله، حدثني به من طريق العامة الشيخ محمد بن أحمد بن شاذان القمي ونقلته من كتابه المعروف بإيضاح دقائق النواصب (1)، وقرأته عليه بمكة في المسجد الحرام سنة اثنتي عشرة وأربعمائة عن جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن علوية المعروف بابن الأسود الأصبهاني عن إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن صالح، عن جدير بن عبد الحميد، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لما أسري بي إلى السماء ما مررت بملا من الملائكة إلا سألوني عن علي بن أبي طالب حتى ظننت أن اسم علي في السماء أشهر من اسمي، فلما بلغت السماء الرابعة نظرت إلى ملك الموت فقال لي: يا محمد ما خلق الله خلقا إلا أقبض روحه بيدي ما خلا أنت وعلي، فإن الله جل جلاله يقبض أرواحكما بقدرته، فلما صرت تحت العرش نظرت فإذا أنا بعلي بن أبي طالب واقفا تحت عرش ربي فقلت: يا علي سبقتني؟ فقال لي جبرئيل (عليه السلام): يا محمد من هذا الذي يكلمك؟ قلت: هذا أخي علي بن أبي طالب، قال لي: يا محمد ليس هذا عليا، ولكنه ملك من ملائكة الرحمان خلقه الله على صورة علي بن أبي طالب عليه السلام، فنحن الملائكة المقربون كلما اشتقنا إلى وجه علي بن أبي طالب زرنا هذا الملك لكرامة علي بن أبي طالب على الله سبحانه.
فيصح على هذا الوجه أن يكون الذين رآهم رسول الله ملائكة على صورة الأئمة عليهم السلام، وجميع ذلك داخل في باب التجويز والامكان والحمد لله (2). انتهى كلام الكراجكي رحمه الله.