فكانت غيبت الأجسام فيها ولعبادة أيضا ندبنا إليها، فيصح على هذا أن يكون النبي صلى الله عليه وآله رأى الأنبياء عليهم السلام في السماء فسألهم كما أمره الله تعالى، وبعد فقد قال الله تعالى: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم (1) " فإذا كان المؤمنون الذين قتلوا في سبيل الله على هذا الوصف فكيف ينكر أن يكون الأنبياء بعد موتهم أحياء منعمين في السماء وقد اتصلت الاخبار من طريق الخاص والعام بتصحيح هذا، وأجمع الرواة على أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما خوطب بفرض الصلاة ليلة المعراج وهو في السماء قال له موسى (عليه السلام): إن أمتك لا تطيق، وأنه راجع إلى الله تعالى مرة بعد أخرى (2)، وما حصل عليه الاتفاق فلم يبق فيه كذب.
وأما الجواب عن السؤال الثاني فهو أن يكون الأنبياء عليهم السلام قد اعلموا بأنه سيبعث نبيا يكون خاتمهم، وناسخا بشرعه شرائعهم واعلموا أنه أجلهم وأفضلهم، وأنه سيكون أوصياؤه (3) من بعده حفظة لشرعه، وحملة لدينه، وحججا على أمته، فوجب على الأنبياء التصديق بما أخبروا به، والاقرار بجميعه.
أخبرني الشريف يحيى بن أحمد بن إبراهيم بن طباطبا الحسيني، عن عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري: عن عبد الله بن محمد، عن محمد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله يقول: ما تنبأ نبي قط إلا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سوانا.
وإن الأمة مجمعة على أن الأنبياء عليهم السلام قد بشروا بنبينا (صلى الله عليه وآله) ونبهوا على أمره، ولا يصح منهم ذلك إلا وقد أعلمهم الله تعالى به، فصدقوا وآمنوا بالمخبر به، وكذلك قد روت الشيعة أنهم قد بشروا بالأئمة أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأما الجواب عن الثالث فهو أنه يجوز أن يكون الله تعالى أحدث لرسوله (صلى الله عليه وآله) في الحال صورا كصور الأئمة عليهم السلام ليراهم أجمعين على كمالهم، كمن شاهد (4) أشخاصهم