بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٤٦
حيث كان أميا وكانوا يكتبون، فلو القي عليه جملة لتعيي (1) بحفظه، ولان نزوله بحسب الوقائع يوجب مزيد بصيرة وخوض في المعنى، ولأنه إذا نزل منجما (2) ويتحدى بكل نجم فيعجزون عن معارضته زاد ذلك قوة قلبه، ولأنه إذا نزل به جبرئيل حالا بعد حال يثبت به فؤاده، ومن فوائد التفريق معرفة الناسخ والمنسوخ، ومنها انضمام القرائن الحالية إلى الدلالات اللفظية، فإنه يعين على البلاغة " ورتلناه ترتيلا " أي وقرأنا عليك شيئا بعد شئ على توءدة وتمهل في عشرين سنة، أو ثلاث وعشرين سنة (3).
قوله تعالى: " ما كان لبشر " أي لا يصح له " أن يكلمه الله إلا وحيا " أي إلهاما و قذفا في القلوب، أو إلقاء في المنام " أو من وراء حجاب " أي يكلمه من وراء حجاب كما كلم موسى (عليه السلام) بخلق الصوت في الطور، وكما كلم نبينا (صلى الله عليه وآله) في المعراج، وهذا إما على سبيل الاستعارة والتشبيه، فإن من يسمع الكلام ولا يرى المتكلم، يشبه حاله بحال من يكلم من وراء حجاب، أو المراد بالحجاب الحجاب المعنوي من كماله تعالى، ونقص الممكنات، ونوريته تعالى، وظلمانية غيره، كما سبق تحقيقه في كتاب التوحيد " أو يرسل رسولا، أي ملكا " فيوحي بإذنه ما يشاء "، فظهر أن وحيه تعالى منحصر في أقسام ثلاثة: إما بالالهام والالقاء في المنام، أو بخلق الصوت بحيث يسمعه الموحى إليه، أو بإرسال ملك، وعلم الملك أيضا يكون على هذه الوجوه (4)، والملك الأول (5) لا يكون علمه إلا بوجهين منها، وقد يكون بأن يطالع في اللوح، وسيأتي تحقيقه في الاخبار " إنه علي " عن أن يدرك بالابصار " حكيم " في جميع الأفعال " وكذلك أوحينا إليك روحا " قيل:
المراد القرآن، وقيل جبرئيل وسيأتي في الاخبار أن المراد به روح القدس، فعلى الأخيرين المراد ب‍ " أوحينا " أرسلنا " من أمرنا " أي بأمرنا " أو أنه من عالم الامر، وقد مر تحقيقه و

(1) عى وعيى وتعيى بأمره: عجز عنه، ولم يطق إحكامه.
(2) أي في أوقات معينة.
(3) أنوار التنزيل 2: 162.
(4) أي بالالهام، أو بخلق الصوت، أو بتوسيط ملك، وأما الالقاء في المنام فلا يكون في ملك.
(5) أي الملك الذي يأخذ عن الله بلا واسطة لا يكون عليه الا بالالهام أو بخلق الصوت.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410