تفسير: قال البيضاوي في قوله تعالى: " وما نتنزل إلا بأمر ربك ": حكاية قول جبرئيل (عليه السلام) حين استبطأه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما سئل عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، ولم يدر ما يجيب، ورجا أن يوحى إليه فيه، فأبطأ عليه خمسة عشر يوما وقيل: أربعين يوما، حتى قال المشركون ودعه ربه وقلاه، ثم نزل ببيان ذلك، و التنزل: النزول على مهل، لأنه مطاوع نزل، وقد يطلق التنزل بمعنى النزول مطلقا، كما يطلق نزل بمعنى أنزل، والمعنى وما ننزل وقتا غب وقت إلا بأمر الله على ما تقتضيه حكمته، وقرئ " وما يتنزل " بالياء، والضمير للوحي " له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك " وهو ما نحن فيه من الأماكن أو الأحايين لا ننقل من مكان إلى مكان ولا ننزل في زمان دون زمان إلا بأمره ومشيته " وما كان ربك نسيا " تاركا لك، أي ما كان عدم النزول إلا لعدم الامر به ولم يكن ذلك عن ترك الله لك وتوديعه (1) إياك كما زعمت الكفرة، وإنما كان لحكمة، رآها فيه (2).
قوله تعالى: " ولا تعجل بالقرآن " قال الطبرسي: فيه وجوه:
أحدها أن معناه لا تعجل بتلاوته قبل أن يفرغ جبرئيل من إبلاغه، فإنه (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ معه ويعجل بتلاوته مخافة نسيانه، أي تفهم ما يوحى إليك إلى أن يفرغ الملك من تلاوته، ولا تقرأ معه ثم اقرأ بعد فراغه منه.
وثانيها: أن معناه لا تقرئ به أصحابك ولا تمله (3) حتى يتبين لك معانيه.
وثالثها: أن معناه ولا تسأل إنزال القرآن قبل أن يأتيك وحيه، لأنه تعالى إنما ينزله بحسب المصلحة وقت الحاجة (4).
قوله تعالى: " كذلك لنثبت به فؤادك " قال البيضاوي: أي كذلك أنزلناه مفرقا لنقوي بتفريقه فؤادك على حفظه وفهمه، لان حاله يخالف حال موسى وعيسى وداود (عليهم السلام)