16 - قصص الأنبياء: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يكف عن عيب آلهة المشركين، ويقرأ عليهم القرآن، وكان الوليد بن المغيرة من حكام العرب يتحاكمون إليه في الأمور، وكان له عبيد عشرة عند كل عبد ألف دينار يتجر بها، وملك القنطار، وكان عم أبي جهل، فقالوا له: عبد شمس (1) ما هذا الذي يقول محمد؟ أسحر، أم كهانة، أم خطب؟ فقال: دعوني أسمع كلامه، فدنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس في الحجر فقال: يا محمد أنشدني شعرك، فقال: ما هو بشعر ولكنه كلام الله الذي بعث أنبياءه ورسله به فقال: أتل، فقرأ: " بسم الله الرحمن الرحيم " فلما سمع الرحمن استهزأ منه وقال: تدعو إلى رجل باليمامة بسم الرحمن؟!، قال:
لا ولكني أدعو إلى الله وهو الرحمن الرحيم، ثم افتتح حم السجدة، فلما بلغ إلى قوله:
" فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود (2) " وسمعه، اقشعر جلده وقامت كل شعرة في بدنه، وقام ومشى إلى بيته، ولم يرجع إلى قريش، فقالوا: صبأ أبو عبد شمس إلى دين محمد، فاغتمت قريش وغدا عليه أبو جهل فقال: فضحتنا يا عم، قال:
يا ابن أخ ما ذاك وإني على دين قومي، ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، قال أفشعر هو؟ قال: ما هو بشعر، قال: فخطب؟ قال: لا، إن الخطب كلام متصل، وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا، له طلاوة، قال: فكهانة هو؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه، فلما كان من الغد قالوا: يا عبد شمس ما تقول؟ قال: قولوا: هو سحر، فإنه أخذ بقلوب الناس فأنزل الله تعالى فيه: " ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا " إلى قوله: " عليها تسعة عشر (3) ".
وفي حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة قال: جاء وليد بن المغيرة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اقرأ علي، فقال: " إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (4) " فقال: أعد،