بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ١٩٥
يرى الرؤيا فتأتيه مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلا فكان يخلو بغار حراء فسمع نداء يا محمد، فغشي عليه، فلما كان اليوم الثاني سمع مثله نداء فرجع إلى خديجة وقال: زملوني زملوني فوالله لقد خشيت على عقلي، فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدم (1)، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق فانطلقت خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل، فقال ورقة: هذا والله الناموس (2) الذي انزل على موسى وعيسى (عليهما السلام)، وإني أرى في المنام ثلاث ليال أن الله أرسل في مكة رسولا اسمه محمد وقد قرب وقته، ولست أرى في الناس رجلا أفضل منه، فخرج (صلى الله عليه وآله) إلى حراء فرأى كرسيا من ياقوتة حمراء، مرقاة من زبرجد، ومرقاة من لؤلؤ، فلما رأى ذلك غشي عليه، فقال ورقة: يا خديجة فإذا أتته الحالة فاكشفي عن رأسك، فإن خرج فهو ملك، وإن بقي فهو شيطان، فنزعت خمارها فخرج الجائي، فلما اختمرت عاد، فسأله ورقة عن عن صفة الجائي فلما حكاه قام وقبل رأسه وقال: ذاك الناموس الأكبر الذي نزل على موسى وعيسى (عليهما السلام)، ثم قال: أبشر فإنك أنت النبي الذي بشر به موسى وعيسى عليهما السلام وإنك نبي مرسل، ستؤمر بالجهاد، وتوجه نحوها وأنشأ يقول:
فإن يك حقا يا خديجة فاعلمي * حديثك إيانا فأحمد مرسل وجبريل يأتيه وميكال معهما * من الله وحي يشرح الصدر منزل يفوز به من فاز عزا لدينه * ويشقى به الغاوي الشقي المضلل فريقان منهم: فرقة في جنانه * وأخرى بأغلال الجحيم تغلل ومن قصيدة له (3):
يا للرجال لصرف الدهر والقدر * وما لشئ قضاه الله من غير

(١) الكل: الضعيف. اليتيم. قوله: تكسب المعدم أي تعطى الفقير من قولهم: كسب وكسب وأكسب فلانا مالا أو علما: أناله إياه.
(٢) الناموس: الوحي. جبرئيل (عليه السلام).
(٣) والقصيدة طويلة أخرجها الحاكم في المستدرك ٢: ٩. 6 وفيه: بخفى الغيب.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410