بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٧٩
وأما قوله: تخلية السرب فهو الذي ليس عليه رقيب يحظر عليه ويمنعه العمل بما أمره الله به وذلك قوله في من استضعف وحظر عليه العمل فلم يجد حيلة ولم يهتد سبيلا (1): " من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " فأخبر أن المستضعف لم يخل سربه وليس عليه من القول شئ إذا كان مطمئن القلب بالايمان.
وأما المهلة في الوقت فهو العمر الذي يمتع به الانسان (2) من حد ما يجب عليه المعرفة إلى أجل الوقت، وذلك من وقت تمييزه وبلوغ الحلم إلى أن يأتيه أجله، فمن مات على طلب الحق ولم يدرك كماله فهو على خير وذلك قوله: " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله " الآية، وإن كان لم يعمل بكمال شرائعه لعلة ما لم يمهله في الوقت إلى استتمام أمره، وقد حظر على البالغ ما لم يحظر على الطفل إذا لم يبلغ الحلم في قوله تعالى: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن " الآية فلم يجعل عليهن حرجا في إبداء الزينة للطفل وكذلك لا تجري عليه الاحكام.
وأما قوله: الزاد فمعناه الجدة والبلغة (3) التي يستعين بها العبد على ما أمره الله به، وذلك قوله: " ما على المحسنين من سبيل " الآية ألا ترى أنه قبل عذر من لم يجد ما ينفق، وألزم الحجة كل من أمكنته البلغة، والراحلة للحج والجهاد وأشباه ذلك، كذلك قبل عذر الفقراء وأوجب لهم حقا في مال الأغنياء بقوله: " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله " الآية، فأمر بإعفائهم، ولم يكلفهم الاعداد لما لا يستطيعون ولا يملكون.
وأما قوله: في السبب المهيج، فهو النية التي هي داعية الانسان إلى جميع الأفعال ، وحاستها القلب، فمن فعل فعلا وكان بدين لم يعقد قلبه على ذلك لم يقبل

(1) في المصدر: ولا يهتدى سبيلا كما قال الله تعالى " الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ". م (2) في التحف المطبوع: يبلغ به الانسان.
(3) الجدة بكسر الجيم وفتح الدال المخففة كعدة: الغنى. البلغة بضم الباء وسكون اللام: ما يكفي من العيش.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331