بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٨٠
الله منه عملا إلا بصدق النية، كذلك (1) أخبر عن المنافقين بقوله: " يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون " ثم أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله توبيخا للمؤمنين " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون " الآية، فإذا قال الرجل: قولا واعتقد في قوله دعته النية إلى تصديق القول بإظهار الفعل، وإذا لم يعتقد القول لم يتبين حقيقة، وقد أجاز الله صدق النية وإن كان الفعل غير موافق لها لعلة مانع يمنع إظهار الفعل في قوله: " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان " وقوله: " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " الآية، فدل القرآن وأخبار الرسول صلى الله عليه وآله أن القلب مالك لجميع الحواس يصحح أفعالها، ولا يبطل ما يصحح القلب شئ، فهذا شرح جميع الخمسة الأمثال التي ذكرها الصادق عليه السلام أنها تجمع المنزلة بين المنزلتين، وهما الجبر والتفويض، فإذا اجتمع في الانسان كمال هذه الخمسة الأمثال وجب عليه العمل كملا لما أمر الله عز وجل به ورسوله، وإذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنه مطروحا بحسب ذلك.
فأما شواهد القرآن على الاختبار والبلوى بالاستطاعة التي تجمع القول بين القولين فكثيرة، ومن ذلك قوله: " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم " وقال: " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " وقال: " ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " وقال في الفتن التي معناها الاختبار: " ولقد فتنا سليمان " الآية، وقال في قصة قوم موسى: " فإنا قد فتنا قومك من بعدك و أضلهم السامري " وقول موسى: " إن هي إلا فتنتك " أي اختبارك، فهذه الآيات يقاس بعضها ببعض ويشهد بعضها لبعض، وأما آيات البلوى بمعنى الاختبار قوله: " ليبلوكم فيما آتاكم " وقوله: " ثم صرفكم عنهم ليبتليكم " وقوله: " أنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة، وقوله: " خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " وقوله: " وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات " وقوله: " ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " وكل ما في القرآن من بلوى هذه الآيات التي شرح أولها فهي اختبار وأمثالها في القرآن كثيرة، فهي إثبات الاختبار والبلوى إن الله عز وجل لم يخلق الخلق عبثا، ولا أهملهم

(1) في المصدر: ولذلك. م
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331