سدى، ولا أظهر حكمته لعبا، بذلك أخبر في قوله: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ".
فإن قال قائل: فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتى اختبرهم؟ قلنا: بلى قد علم ما يكون منهم قبل كونه، وذلك قوله: " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " وإنما اختبرهم ليعلمهم عدله ولا يعذبهم إلا بحجة بعد الفعل، وقد أخبر بقوله: " ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا " وقوله: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " وقوله: " رسلا مبشرين ومنذرين " فالاختبار من الله بالاستطاعة التي ملكها عبده وهو القول بين الجبر والتفويض بهذا نطق القرآن وجرت الاخبار عن الأئمة من آل الرسول.
فإن قالوا: ما الحجة في قول الله: " يهدي من يشاء ويضل من يشاء " وما أشبهها؟ قيل: مجاز هذه الآيات كلها على معنيين: أما أحدهما فإخبار عن قدرته أي أنه قادر على هداية من يشاء وضلال من يشاء، وإذا أجبرهم بقدرته على أحدهما لم يجب لهم ثواب ولا عليهم عقاب على نحو ما شرحنا في الكتاب، والمعنى الآخر أن الهداية منه تعريفه كقوله: " وأما ثمود فهديناهم " أي عرفناهم " فاستحبوا العمى على الهدى " فلو جبرهم على الهدى لم يقدروا أن يضلوا، وليس كلما وردت آية مشتبهة كانت الآية حجة على محكم الآيات اللواتي أمرنا بالاخذ بها، من ذلك قوله: " منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين قي قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " الآية، وقال: " فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه " أي أحكمه وأشرحه " أولئك الذي هديهم الله وأولئك هم أولو الألباب " وفقنا الله وإياكم من القول والعمل لما يحب ويرضى، وجنبنا وإياكم معاصيه بمنه وفضله، والحمد لله كثيرا كما هو أهله، وصلى الله على محمد وآله الطيبين، وحسبنا الله و نعم الوكيل. " ص 458 - 475 " بيان: قوله تعالى: فقد ظلم الله على بناء التفعيل أي نسبه إلى الظلم. قوله عليه السلام:
ومن زعم أن الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب أي عموما بحيث لا يعاقب أحدا منهم كما هو مقتضى الجبر، فلا ينافي سقوط بعضها بالعفو أو الشفاعة. وقوله عليه السلام: ولما لزمت