ومنها قوله تعالى: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " (1) ولا يتوجه على المولود التكليف حتى يبلغ فيلزم الحجة انتهى.
وروى الحسين بن مسعود البغوي في شرح السنة بإسناده عن أبي هريرة قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أطفال المشركين، قال: الله أعلم بما كانوا فاعلين. وقال: هذا حديث متفق على صحته.
وروي بإسناد آخر عن صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من يولد يولد على الفطرة، وأبواه يهودانه وينصرانه، كما تنتجون البهيمة، هل تجدون فيها جدعاء (2) حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟ قالوا: يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين.
ثم قال: هذا حديث متفق على صحته. ثم قال في شرح الخبر: قلت: أطفال المشركين لا يحكم لهم بجنة ولا نار، بل أمرهم موكول إلى علم الله فيهم، كما أفتى به الرسول صلى الله عليه وآله، وجملة الامر أن مرجع العباد في المعاد إلى ما سبق لهم في علم الله من السعادة والشقاوة. وقيل: حكم أطفال المؤمنين والمشركين حكم آبائهم وهو المراد بقوله: الله أعلم بما كانوا عاملين، يدل عليه ما روي مفسرا عن عايشة أنها قالت: قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين؟ قال: من آبائهم، فقلت: يا رسول الله بلا عمل؟ قال:
الله أعلم بما كانوا عاملين، قلت: فذراري المشركين؟ قال: من آبائهم، قلت: بلا عمل؟
قال: الله أعلم بما كانوا عاملين.
وقال معمر، عن قتادة، عن الحسن: إن سلمان قال: أولاد المشركين خدم أهل الجنة، قال الحسن: أتعجبون؟ أكرمهم الله وأكرمهم به. انتهى.
أقول: فظهر أن تلك الروايات موافقة لما رواه المخالفون في طرقهم، وقد أولها أئمتنا عليهم السلام بما مر في الأخبار السابقة. ثم أعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا في أن أطفال المؤمنين يدخلون الجنة، وذهب المتكلمون منا إلى أطفال الكفار لا يدخلون النار