بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٥
فإن عاقبه وأضر به تداركا لما أحسن إليه كان أولى من جمع الاضرارين على المسئ، وقيل: إنما كان المذنب أولى بالاحسان لأنه لا يرضى بالذنب كما يدل عليه جبره عليه، والمحسن أولى بالعقوبة لأنه لا يرضى بالاحسان لدلالة الجبر عليه، ومن يرضى بالاحسان أولى بالعقوبة من الذي يرضى به.
ويحتمل أن يكون هذا متفرعا على ما مر أي إذا بطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والوعد والوعيد لكان المذنب أولى الخ; ووجهه أنه لم يبق حينئذ إلا الاحسان والعقوبة الدنيوية، والمذنب في الدنيا متنعم بأنواع اللذات، وليست له مشقة التكاليف الشرعية، والمحسن في التعب والنصب بارتكاب أفعال لا يشتهيها، وترك ما يلتذ بها مقتر عليه لاجتناب المحرمات من الأموال، فحينئذ الاحسان الواقع للمذنب أكثر مما وقع للمحسن، فهو أولى بالاحسان من المحسن، والعقوبة الواقعة على المحسن أكثر مما وقع على المذنب فهو أولى بالعقوبة من المذنب. (1) والقدرية في هذا الخبر أطلقت على الجبرية وقوله: لم يعص على بناء المفعول، وكذا قوله: ولم يطع مكرها - بكسر الراء - وفي الفتح تكلف.
وفي الكافي بعد ذلك: ولم يملك مفوضا. إشارة إلى نفي التفويض التام، بحيث لا يقدر على صرفهم عنه، أو بحيث لا يكون لتوفيقه وهدايته مدخل فيه.
20 - التوحيد، عيون أخبار الرضا (ع): ابن مسرور، عن ابن عامر، عن معلى بن محمد البصري، عن

(1) وذكر وجهين آخرين في كتابه المرآة أيضا، أحدهما أنه لما اقتضى ذات المذنب أن يحسن إليه في الدنيا باحداث اللذات فيه فينبغي أن يكون في الآخرة أيضا كذلك، لعدم تغير الذوات في النشأتين، وإذا اقتضى ذات المحسن المشقة في الدنيا وإيلامه بالتكاليف الشاقة ففي الآخرة أيضا ينبغي أن يكون كذلك. الثاني ما قيل: لعل وجه ذلك أن المذنب بصدور القبائح والسيئات منه متألم منكسر البال، لظنه أنها وقعت منه باختياره وقد كانت بجبر جابر وقهر قاهر فيستحق الاحسان، وأن المحسن لفرحاته بصدور الحسنات عنه وزعمه أنه قد فعلها بالاختيار أولى بالعقوبة من المذنب أقول: لعل قوله: ولكان المحسن أولى إه‍ فيه تصحيف، وصحيحه كما في شرح التجريد في رواية الأصبغ:
ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسئ، ولا المسئ أولى بالذم من المحسن. أو كما يأتي في حديث 19 من الباب الثالث: ولا كان المحسن أولى إه‍ ومعناه ظاهر لا يحتاج إلى شئ من التوجيهات المذكورة، لان العبد إذا كان مجبورا على الفعل مسلوبا عنه الاختيار كان المحسن والمسئ كلاهما متساويين في عدم صحة استناد الاحسان والإساءة إليهما فلا يكون أحدهما أولى بالمدح أو الذم من الاخر.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331