فقال أبو ذر: أحدثكم أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله فتتهمونني، ما كنت أظن أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله.
وروى الواقدي في خبر آخر باسناده عن صهبان مولى الأسلميين، قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان، فقال له: أنت الذي فعلت وفعلت؟ فقال أبو ذر:
نصحتك فاستغششتني، ونصحت صاحبك فاستغشني، قال عثمان: كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها، قد انغلت (١) الشام علينا.
فقال له أبو ذر: اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام، فقال عثمان: مالك وذلك لا أم لك؟ قال أبو ذر: ما وجدت لي عذرا الا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فغضب عثمان وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب: إما أن أضربه، أو أحبسه، أو أقتله، فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الاسلام.
فتكلم علي عليه السلام وكان حاضرا، فقال: أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون ﴿فان يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب﴾ (2) فأجابه عثمان بجواب غليظ، وأجابه علي عليه السلام بمثله، والجوابان لم يذكرهما ابن أبي الحديد.
قال الواقدي: ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر أو يكلموه، فمكث كذلك أياما، ثم اتي به فوقف بين يديه، فقال أبو ذر: ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ورأيت أبا بكر وعمر هل هديك كهديهم؟ أما انك لتبطش بي بطش جبار.
فقال عثمان: اخرج من بلادنا، فقال أبو ذر: ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج؟ قال: حيث شئت، قال: أخرج إلى الشام أرض الجهاد، قال: إنما جلبتك