منه، ومن خذله لا يستطيع أن يقول: نصره من هو خير مني، وأنا جامع لكم أمره، استأثر الأثرة، وجزعتم فأسألتم الجزع، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع (1).
قال ابن أبي الحديد في شرحه: هذا الكلام بظاهره يقتضي أنه ما أمر بقتله ولا نهى عنه، فيكون دمه عنده في حكم الأمور المباحة التي لا يؤمر بها ولا ينهى عنها (2).
أقول: كفانا معشر الشيعة إباحة دمه، لأن إباحة دمه دليل على بطلان خلافته وبيعته، وعلى أن الشورى العمرية لم يكن صوابا، بل يدل على أن عثمان لم يكن مؤمنا، لأنه عليه السلام كان ناصرا للمؤمنين، فلو كان عثمان مؤمنا لم يكن يخذله.
ويدل أيضا على عدم ايمان عثمان وحسن قتله قوله عليه السلام: قد طلع طالع، ولمع لامع، ولاح لائح، واعتدل مائل، واستبدل الله بقوم قوما، وبيوم يوما، وانتظرنا الغير انتظار المجدب المطر، وإنما الأئمة قوام الله على خلقه، وعرفاؤه على عباده، ولا يدخل الجنة الا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار الا من أنكرهم وأنكروه، إلى آخر الخطبة (3).
قال ابن أبي الحديد في الشرح: هذه خطبة خطب بها بعد قتل عثمان حين أفضت الخلافة إليه (قد طلع طالع) يعني: عود الخلافة إليه، وكذلك قوله (لمع لامع، ولاح لائح) كل هذا يراد به معنى واحد (واعتدل مائل) إشارة إلى ما كانت الأمور عليه من الاعوجاج في أواخر أيام عثمان، واستبدل الله بعثمان وشيعته عليا عليه السلام وشيعته، وبأيام ذاك أيام هذا. ثم قال (وانتظرنا الغير انتظار المجدب المطر) وهذا الكلام يدل على أنه قد كان يتربص بعثمان الدوائر، ويترقب حلول الخطوب