المدينة، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد.
فلما قدم بعث إليه عثمان: أن ألحق بأي أرض شئت، قال: بمكة، قال: لا، قال:
بيت المقدس، قال: لا، قال: بأحد المصرين، قال: لا ولكني مسيرك إلى الربذة، فسيره إليها، فلم يزل بها إلى أن مات. وفي رواية الواقدي: أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له:
لا أنعم الله بقين عينا * نعم ولا لقاه يوما زينا تحية السخط إذا التقينا فقال أبو ذر: ما عرفت اسمي قينا قط. وفي رواية أخرى: لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب، فقال أبو ذر: أنا جندب وسماني رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله، فاخترت اسم رسول الله صلى الله عليه وآله الذي سماني به على اسمي.
فقال له عثمان: أنت الذي تزعم أنا نقول: يد الله مغلولة، وان الله فقير ونحن أغنياء؟ فقال أبو ذر: لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباد الله، ولكني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا، وعباده خولا، ودينه دخلا.
فقال عثمان لمن حضر: أسمعتموها من رسول الله؟ قالوا: لا، قال عثمان: ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول الله؟ فقال أبو ذر لمن حضر: أما تدرون أني صدقت؟
قالوا: لا والله ما ندري، فقال عثمان: ادعوا لي عليا، فلما جاء قال عثمان لأبي ذر:
أقصص عليه حديثك في بني أبي العاص، فأعاده، فقال عثمان لعلي عليه السلام: أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: لا وقد صدق أبو ذر، فقال: كيف عرفت صدقه؟
قال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، فقال من حضر: أما هذا فسمعناه كلنا من رسول الله صلى الله عليه وآله.