علي عليه السلام على مروان، فضرب بالسوط بين اذني راحلته وقال: تنح لحاك الله إلى النار، فرجع مروان مغضبا إلى عثمان، فأخبره الخبر فتلظى على علي عليه السلام، ووقف أبو ذر فودعه القوم، ومعه ذكوان مولى أم هاني بنت أبي طالب.
قال ذكوان: فحفظت كلام القوم، وكان حافظا، فقال علي عليه السلام: يا أبا ذر انك غضبت لله ان القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقلى، ونفوك إلى الفلا، والله لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقا، ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا، يا أبا ذر لا يؤنسك الا الحق، ولا يوحشنك الا الباطل، ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم، وقال لعقيل: ودع أخاك.
فتكلم عقيل، فقال: ما عسى أن نقول يا أبا ذر وأنت تعلم أنا نحبك، وأنت تحبنا، فاتق الله، فان التقوى نجاة، واصبر فان الصبر كرم، واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس فدع اليأس والجزع.
ثم تكلم الحسن عليه السلام، فقال: يا عماه لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف، لقصر الكلام وان طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك صلى الله عليه وآله وهو عنك راض.
ثم تكلم الحسين عليه السلام، فقال: يا عماه ان الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى، والله كل يوم هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم، ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم، فاسأل الله الصبر والنصر، واستعذبه من الجشع والجزع، فان الصبر من الدين والكرم، وان الجشع لا يقدم رزقا، والجزع لا يؤخر أجلا.
ثم تكلم عمار رحمه الله مغضبا، فقال: لا آنس الله من أوحشك، ولا آمن من أخافك، أما والله لو أردت دنياهم لأمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك، وما منع الناس أن يقولوا بقولك الا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، ومالوا إلى ما سلطان