يجوز ان يمدح الله انسانا الا ولنا ان نمدحه، ولا يذمه الا ولنا ان نذمه وقال تعالى هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله (1) وقال ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا (2) وقال عز وجل وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا (3).
وكيف يقول القائل: ان الله تعالى لا يقول للمكلف: لم لم تلعن؟ ألا يعلم هذا القائل أن الله تعالى أمر بولاية أوليائه، وأمر بعداوة أعدائه، فكما يسأل عن التولي يسأل عن التبري، ألا ترى أن اليهودي إذا أسلم يطالب بأن يقال له: تلفظ بكلمة الشهادتين، ثم قل برئت من كل دين يخالف دين الاسلام، فلابد من البراءة، لأن بها يتم العمل، ألم يسمع هذا القائل قول الشاعر:
تود عدوي ثم تزعم أنني صديقك ان الرأي عنك لعازب فمودة العدو خروج عن ولاية الولي، وإذا بطلت المودة لم يبق الا البراءة، لأنه لا يجوز أن يكون الانسان في درجة متوسطة مع أعداء الله تعالى وعصاته، بألا يودهم ولا يبرأ منهم باجماع المسلمين على نفي هذه الواسطة.
وأما قوله (لو جعل عوض اللعنة أستغفر الله لكان خيرا له) فإنه لو استغفر من غير أن يلعن، أو يعتقد وجوب اللعن، لما نفعه استغفاره ولا قبل منه، لأنه يكون عاصيا لله تعالى، مخالفا أمره في امساكه عمن أوجب الله تعالى عليه البراءة منه، واظهار البراءة، والمصر على بعض المعاصي لا تقبل توبته واستغفاره عن البعض الاخر.
وأما من يعيش عمره ولا يلعن إبليس، فإن كان لا يعتقد وجوب لعنه فهو كافر،