قيل لكم: وكذلك ستر عائشة إنما كشف، وهودجها إنما هتك، لأنها نشرت (1) حبل الطاعة، وشقت عصا المسلمين، وأراقت دماء المؤمنين (2) من قبل وصول علي بن أبي طالب عليه السلام إلى البصرة، وجرى لها مع عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة ومن كان معهما من المسلمين الصالحين من القتل وسفك الدماء ما تنطق به كتب التواريخ والسير، فإذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد، جاز كشف ستر عائشة على ما قد وقع وتحقق.
فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر التي يجب معها التخليد في النار، والبراءة من فاعله، ومن أوكد عرى الايمان، وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها، وجمع حطب ببابها، وتهددها بالتحريق من أوكد عرى الدين، وأثبت دعائم الاسلام، وما أعز الله به المسلمين وأطفأ به نار الفتنة، والحرمتان واحدة، والستران واحد.
وما نحب أن نقول لكم: ان حرمة فاطمة أعظم، ومكانها أرفع، وصيانتها لأجل رسول الله صلى الله عليه وآله أولى، فإنها بضعة منه، وجزء من لحمه ودمه، وليست كالزوجة الأجنبية التي لا نسب بينها وبين الزوج، وإنما هي وصلة مستعارة، وعقد يجري مجرى إجارة المنفعة، وكما يملك رق الأمة بالبيع والشراء.
ولهذا قال الفرضيون: أسباب التوارث ثلاثة: سبب، ونسب، وولاء. فالنسب القرابة، والسبب النكاح، والولاء ولاء العتق، فجعلوا النكاح خارجا عن النسب، ولو كانت الزوجة ذات نسب لجعلوا الأقسام الثلاثة قسمين.
وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة؟! وقد أجمع المسلمون كلهم من يحبها ومن لا يحبها منهم أنها سيدة نساء العالمين.