كفروا من بني إسرائيل على لسان داود (1) وقوله ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا (2) وقوله ملعونين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلا (3) وقال الله تعالى لإبليس وان عليك لعنتي إلى يوم الدين (4) وقال إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا (5).
فأما قول من يقول: أي ثواب في اللعن وان الله لا يقول للمكلف: لم لم تلعن؟ بل قد يقول له: لم لعنت؟ وانه لو جعل مكان لعن الله فلانا اللهم اغفر لي لكان خيرا له، ولو أن انسانا عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يؤاخذ بذلك. فكلام جاهل لا يدري ما يقول، اللعن طاعة ويستحق عليها الثواب إذا فعلت على وجهها، وهو أن يلعن مستحق اللعن لله وفي الله، لا في العصبية والهوى.
ألا ترى أن الشرع قد ورد بها في نفي الولد، ونطق بها القرآن، وهو أن يقول الزوج في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين (6) فلو لم يكن الله تعالى يريد أن يتلفظ عباده بهذه اللفظة وأنه قد تعبدهم بها، لما جعلها من معالم الشرع، ولما كررها في كثير من كتابه العزيز، ولما قال في حق القائل وغضب الله عليه ولعنه (7) وليس المراد من قوله (ولعنه) الا الأمر لنا بأن نلعنه، ولو لم يكن المراد بها ذلك لكان لنا أن نلعنه، لأن الله تعالى قد لعنه.
أفيلعن الله تعالى انسانا ولا يكون لنا أن نلعنه، هذا ما لا يسوغ في العقل، كما لا