رسول الله صلى الله عليه وآله عام الحديبية نظر إليه قائما على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله مقلدا سيفه فقال (1): من هذا؟ قيل: هذا ابن أخيك المغيرة، قال: وأنت هاهنا يا غدر، والله اني إلى الان ما غسلت سوأتك.
وكان اسلام المغيرة من غير اعتقاد صحيح، ولا إنابة ونية جميلة، كان قد صحب قوما في بعض الطرق فاستغفلهم، فقتلهم وأخذ أموالهم، وهرب خوفا أن يلحق فيقتل، أو يؤخذ ما فاز به من أموالهم، فقدم المدينة فأظهر الاسلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يرد على أحد اسلامه، أسلم عن علة أو عن اخلاص، فامتنع بالاسلام واعتصم، وحمي جانبه.
ذكر حديثه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في كتاب الأغاني، قال: كان المغيرة يحدث حديث اسلامه، قال: خرجت مع قوم من بني مالك ونحن على دين الجاهلية إلى المقوقس ملك مصر، فدخلنا الإسكندرية، وأهدينا للملك هدايا كانت معنا، فكنت أهون أصحابي عليه، وقبض هدايا القوم، وأمر لهم بجوائز، وفضل بعضهم على بعض، وقصر بي فأعطاني شيئا قليلا لا ذكر له، وخرجنا فأقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهلهم وهم مسرورون، ولم يعرض أحد منهم علي مواساة.
فلما خرجوا حملوا معهم خمرا، فكانوا يشربون منها فأشرب معهم، ونفسي تأبى أن تدعني معهم، وقلت: ينصرفون إلى الطائف بما أصابوا وما حباهم به الملك، ويخبرون قومي بتقصيره بي وازدرائه إياي، فأجمعت على قتلهم، فقلت: اني أجد صداعا، فوضعوا شرابهم ودعوني، فقلت: رأسي يصدع، ولكن اجلسوا فأسقيكم، فلم ينكروا من أمري شيئا، فجلست أسقيهم وأشرب القدح بعد القدح.
فلما دبت الكأس فيهم اشتهوا الشراب، فجعلت اصرف لهم وأترع الكأس،