وقد ذكرت في هذا الفصل خلاصة ما حفظته عن النقيب أبي جعفر، ولم يكن امامي المذهب، ولا كان يبرأ من السلف، ولا يرتضى قول المسرفين من الشيعة، ولكنه كلام أجراه على لسانه البحث والجدل بيني وبينه (1). انتهى كلامه.
ومما يرتفع به التعجب والاستبعاد في اتفاق أكثر الصحابة على ترك العمل بالنص مخالفتهم للنبي صلى الله عليه وآله في حياته في زمن الشدة وزمن الرخاء.
أما في الشدة، فإنهم فارقوه وخذلوه واختاروا أنفسهم عليه في غزوة أحد وحنين وخيبر، وقد تضمن الكتاب بعض ذلك ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين (2) ونقل أنهم كانوا في تلك الحال نحو عشر آلاف، فلم يتخلف منهم الا أقل من عشرة أنفس، وروي سبع أنفس، وهم: علي بن أبي طالب عليه السلام، والعباس، والفضل بن العباس، وربيعة، وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، وأسامة بن زيد، وعبيدة بن أم أيمن.
وأما مخالفة أصحابه له في الرخاء والأمن، فقد تضمن الكتاب ذلك وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة (3) ونقل أنهم إذا سمعوا بوصول تجارة تركوا الصلاة معه، ولم يلتفتوا إلى حرمة ربهم ولا حرمة نبيهم ولا صلاتهم، وباعوا ذلك كله بمشاهدة تجارتهم، أو طمع في مكسب منها، فكيف يستبعد من هؤلاء أن يخالفوا نبيهم بعد وفاته في طلب الملك والخلافة.
وأيضا من مخالفتهم للنبي صلى الله عليه وآله في حال الرخاء، أنهم خالفوه في مرض موته