الان؟ قال: انه ليس بوقت أمر، بل وقت صبر ومضى ومضيت.
ولقى الأشعث الزبرقان بن بدر، فذكر له ما جرى بيني وبينه، فنقل ذلك إلى أبي بكر، فأرسل إلي بعتاب مؤلم، فأرسلت إليه: أما والله لتكفن أو لأقولن كلمة بالغة بي وبك في الناس، تحملها الركبان حيث ساروا، وان شئت استدمنا ما نحن فيه عفوا، فقال: بل نستديمه، وانها لصائرة إليك بعد أيام، فظننت أنه لا يأتي عليه جمعة حتى يردها علي، فتغافل، والله ما ذكرني بعد ذلك حرفا حتى هلك.
ولقد مد في أمدها عاضا على نواجذه حتى حضره الموت وآيس منها، فكان منه ما رأيتما، فاكتما ما قلت لكما عن الناس كافة وعن بني هاشم خاصة، وليكن منكما بحيث أمرتكما إذا شئتما على بركة الله، فقمنا ونحن نعجب من قوله، فوالله ما أفشينا سره حتى هلك (1).
ووجه دلالة هذه الأخبار على ما ادعينا، أن المستفاد منها أن بيعة عمر لأبي بكر لم يكن مبنيا على دليل شرعي، ولا منوطا برأي واعتقاد، بل حمله على ما فعل حب الرئاسة والرغبة في الحكومة والسياسة، وروى هذه الرواية سيدنا الشريف المرتضى في الشافي، وابن أبي الحديد في شرحه، نقلا عنه وعن الطبري.
ومما يدل أيضا على ما ادعيناه، ما نقله ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة، قال: ومن كلام له عليه السلام في وقت الشورى: لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق، وصلة رحم، وعائدة كرم، فاسمعوا قولي، وعوا منطقي، عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتضي فيه السيوف، وتخان فيه العهود، حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة، وشيعة لأهل الجهالة (2).
الشرح: هذا من جملة كلام قاله عليه السلام لأهل الشورى بعد وفاة عمر، وقد ذكرنا