نغر بها بشما (1).
قال المغيرة: فما منعك منها يا أمير المؤمنين وقد عرضك لها يوم السقيفة بدعائك إليها، ثم أنت الان تنقم وتتأسف؟ فقال: ثكلتك أمك يا مغيرة، اني كنت أعدك من دهاة العرب، كأنك كنت غائبا عما هناك، ان الرجل ماكرني فماكرته، وألفاني أحذر من قطاة، انه لما رأى شغف الناس به، واقبالهم بوجوههم عليه، أيقن أنه لا يريدون به بدلا، فأحب لما رأى من حرص الناس عليه وميلهم إليه، أن يعلم ما عندي، وهل تنازعني نفسي إليها؟ وأحب أن يبلوني باطماعي فيها، والتعريض لي بها، وقد علم وعلمت لو قبلت ما عرضه علي لم يجب الناس إلى ذلك، فألفاني قائما على أخمصي، مستوفزا حذرا، ولو أجبته إلى قبولها لم يسلم الناس إلي ذلك، واختبأ ضغنا علي في قلبه، ولم آمن غائلته ولو بعد حين.
مع ما بدا لي من كراهة الناس لي، أما سمعت نداءهم من كل ناحية عند عرضها علي: لا نريد سواك يا أبا بكر أنت لها، فرددتها إليه عند ذلك، فلقد رأيته التمع وجهه لذلك سرورا.
ولقد عاتبني مرة على كلام بلغه عني، وذلك لما قدم عليه بالأشعث أسيرا، فمن عليه وأطلقه، وزوجه أخته أم فروة، فقلت للأشعث وهو قاعد بين يديه: يا عدو الله أكفرت بعد اسلامك، وارتددت ناكصا على عقبيك، فنظر إلي نظرا علمت أنه يريد أن يكلمني بكلام في نفسه، ثم لقيني بعد ذلك في سكك المدينة، فقال لي: أنت صاحب الكلام يا بن الخطاب؟ فقلت: نعم يا عدو الله ولك عندي شر من ذلك، فقال: بئس الجزاء هذا لي منك، قلت: وعلام تريد مني حسن الجزاء؟ قال: لأنفتي لك من اتباع هذا الرجل، والله ما جرأني على الخلافة عليه الا تقدمه عليك وتخلفك عنها، ولو كنت صاحبها لما رأيت مني خلافا عليك، قلت: لقد كان ذلك فما تأمر