أن عليا عليه السلام كان وصي رسول الله صلى الله عليه وآله، وان خالف في ذلك من هو منسوب عندنا إلى العناد، ولسنا نعني بالوصية النص والخلافة، ولكن أمورا أخرى. وأما الوارثة، فالإمامية يحملونها على ميراث المال والخلافة، ونحن نحملها على وراثة العلم.
ثم ذكر عليه السلام أن الحق رجع الان إلى أهله، وهذا يقتضي أن يكون فيما قبل في غير أهله، ونحن نتأول ذلك على غير ما تذكره الامامية، ونقول: انه عليه السلام كان أولى بالأمر وأحق لا على وجه النص، بل على وجه الأفضلية، فإنه أفضل البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأحق بالخلافة من جميع المسلمين، لكنه ترك حقه لما علمه من المصلحة، وما تفرس فيه هو والمسلمون من اضطراب الاسلام، وانتشار الكلمة، لحسد العرب له، إلى آخر كلامه (1).
انظر أيها البصير كيف أعماهم التقليد وأصمهم، لاشك في أنه لا يجوز عاقل له أدنى بصيرة أمثال هذه التأويلات البعيدة، لأن قوله (فيهم خصائص حق الولاية) صريح في أن الامارة كانت مختصة بهم، وكيف يجوز عاقل أن يترك خاتم الأنبياء الوصية بالأهم وهو الخلافة، مع علمه بعدم العود وعدم مجئ نبي بعده، مع كمال احتياج الأمة إلى الخليفة، ويوصي بغير الأهم.
والعجب أن عليا عليه السلام على مذهبهم لم يكن وصيا على متروكات النبي صلى الله عليه وآله أيضا: لأنهم اعتقدوا ا ما ترك النبي صلى الله عليه وآله كانت صدقة، والمتولي عليها كان أبا بكر، وزعموا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يخبره بأن ما تركه صدقة، فما أدري أنه عليه السلام فيما كان وصيته التي كان يباهي بها، وشعراء الصحابة والتابعين يعدونها من فضائله في نظمهم ونثرهم؟ وحمل الوراثة على وراثة العلم لا وجه له، لأن وراثة العلم عند المخالفين لا يختص بآل محمد صلى الله عليه وآله، والمفهوم من كلامه عليه السلام اختصاص الوراثة بهم.
وقوله (رجع الحق إلى أهله) صريح في أن خلفاء المخالفين لم يكونوا من أهل