قال: وأكثر الناس في أمر الهرمزان وعبيد الله بن عمر وقتله إياه، وبلغ عثمان ما قال فيه علي بن أبي طالب عليه السلام، فقام فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس انه كان من قضاء الله أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب أصاب الهرمزان وهو رجل من المسلمين، وليس له وارث الا الله والمسلمون، وأنا امامكم وقد عفوت، أفتعفون عن عبيد الله ابن خليفتكم بالأمس؟ قالوا: نعم، فعفى عنه، فلما بلغ ذلك عليا عليه السلام تضاحك، وقال: سبحان الله لقد بدأ بها عثمان أيعفو عن حق امرئ ليس بواليه، تالله ان هذا لهو العجب، قالوا: فكان ذلك أول ما بدا من عثمان مما نقم عليه.
قال الشعبي: وخرج المقداد من الغد، فلقي عبد الرحمن بن عوف، فأخذ بيده وقال: ان كنت أردت بما صنعت لوجه الله، فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة. وان كنت إنما أردت الدنيا، فأكثر الله مالك، فقال عبد الرحمن: اسمع رحمك الله اسمع، قال: لا أسمع والله وجذب يده من يده، ومضى حتى دخل على علي عليه السلام فقال: قم فقاتل حتى نقاتل معك، قال علي عليه السلام: فبمن أقاتل رحمك الله، وأقبل عمار بن ياسر ينادي:
يا ناعي الاسلام قم فانعه * قد مات عرف وبدا نكر أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم، والله لئن قاتلهم واحد لأكونن له ثانيا، فقال علي عليه السلام: يا أبا اليقظان والله لا أجد عليهم أعوانا، ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون، وبقي علي عليه السلام في داره وعنده نفر من أهل بيته، وليس يدخل إليه أحد مخافة عثمان.
قال الشعبي: واجتمع أهل الشورى على أن تكون كلمتهم واحدة على من لم يبايع، فقاموا إلى علي عليه السلام فقالوا: قم فبايع عثمان، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا:
نجاهدك، قال: فمشى إلى عثمان حتى بايعه وهو يقول: صدق الله ورسوله، فلما بايع أتاه عبد الرحمن بن عوف، فاعتذر إليه وقال: ان عثمان أعطانا يده ويمينه ولم تفعل