الجوهري: هو سهل بن سعد الأنصاري - قال: مشيت وراء علي بن أبي طالب عليه السلام حيث انصرف من عند عمر، والعباس بن عبد المطلب يمشي في جانبه، فسمعته يقول للعباس: ذهبت منا والله، فقال: كيف علمت؟
قال: ألا تسمعه يقول: كونوا في الجانب الذي فيه عبد الرحمن، لأنه ابن عمه، وعبد الرحمن نظير عثمان وهو صهره، فإذا اجتمع هؤلاء، فلو أن الرجلين الباقيين كانا معي لم يغنيا عني شيئا، مع أني لست أرجو الا أحدهما، ومع ذلك فقد أحب عمر أن يعلمنا أن لعبد الرحمن عنده فضلا علينا، لعمر الله ما جعل الله ذلك لهم علينا، كما لم يجعله لأولادهم على أولادنا، أما والله لئن عمر لم يمت لأذكرنه ما أتى إلينا قديما، ولأعلمته سوء رأيه فينا، وما أتى إلينا حديثا، ولئن مات وليموتن ليجتمعن هؤلاء القوم على أن يصرفوا هذا الأمر عنا، ولئن فعلوها وليفعلن ليروني حيث يكرهون، والله ما بي رغبة في السلطان، ولا حب الدنيا، ولكن لاظهار العدل، والقيام بالكتاب والسنة.
ثم قال بعد كلام: قال الشعبي: وادخل أهل الشورى دارا، فأقبلوا يتجادلون عليها، وكلهم بها ضنين وعليها حريص: إما لدنيا، وإما لآخرة. فلما طال ذلك قال عبد الرحمن: من رجل منكم يخرج نفسه من هذا الأمر ويختار لهذه الأمة رجلا منكم، فاني طيبة نفسي أن أخرج منها وأختار لكم؟ قالوا، قد رضينا، الا علي بن أبي طالب، فإنه اتهمه، وقال: أنظر وأرى، فأقبل أبو طلحة عليه، وقال: يا أبا الحسن ارض برأي عبد الرحمن، كان الأمر لك أو لغيرك، فقال علي عليه السلام: اعطني يا عبد الرحمن موثقا من الله لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى، ولا تميل إلى صهر ولا ذي قرابة، ولا تعمل الا لله، ولا تألو هذه الأمة أن تختار لها خيرها.
قال: فحلف له عبد الرحمن بالله الذي لا اله هو لأجتهدن لنفسي ولكم وللأمة ولا أميل إلى هوى ولا إلى صهر ولا ذي قرابة. قال: فخرج عبد الرحمن، فمكث ثلاثة أيام يشاور الناس، ثم رجع واجتمع الناس، وكثروا على الباب لا يشكون