أنت تقول ذلك يا أبا عمرو! فقال الشعبي: أنا أقوله، قاله عمر بن الخطاب على رؤوس الأشهاد، فلمه أو دع، فنهض الرجل مغضبا وهو يهمهم في الكلام بشئ لم أفهمه.
قال مجالد: فقلت للشعبي: ما أحسب هذا الرجل الا سينقل عنك هذا الكلام إلى الناس ويبثه فيهم، قال: اذن والله لا أحفل به، وشئ لم يحفل به عمر حين قام على رؤوس المهاجرين والأنصار أحفل به أنا؟ أذيعوه أنتم عني أيضا ما بدا لكم (1).
وروى شريك بن عبد الله النخعي، عن محمد بن عمرو بن مرة، عن أبيه، عن عبد الله بن سلمة، عن أبي موسى الأشعري، قال: حججت مع عمر، فلما نزلنا وعظم الناس خرجت من رحلي أريده، فلقيني المغيرة بن شعبة، فرافقني، ثم قال:
أين تريد؟ فقلت: أمير المؤمنين، فهل لك؟ قال: نعم، فانطلقنا نريد رحل عمر، فانا لفي طريقنا إذ ذكرنا تولي عمر وقيامه بما هو فيه، وحياطته على الاسلام، ونهوضه بما قبله من ذلك، ثم خرجنا إلى ذكر أبي بكر، فقلت للمغيرة: يا لك الخير لقد كان أبو بكر مسددا في عمر، لكأنه ينظر إلى قيامه من بعده، وجده واجتهاده وعنانه في الاسلام.
فقال المغيرة: لقد كان ذلك، وإن كان قوم كرهوا ولاية عمر ليزووها عنه، وما كان لهم في ذلك من حظ، فقلت له: لا أبا لك ومن القوم الذين كرهوا ذلك لعمر؟
فقال المغيرة: لله أنت كأنك لا تعرف هذا الحي من قريش، وما خصوا به من الحسد، والله لو كان هذا الحسد يدرك بحساب لكان لقريش تسعة أعشاره والناس كلهم عشر، فقلت: مه يا مغيرة، فان قريشا بانت بفضلها على الناس.
فلم نزل في ذلك حتى انتهينا إلى رحل عمر، فلم نجده، فسألنا عنه، فقيل: قد خرج آنفا، فمضينا نقفوا أثره، حتى دخلنا المسجد، فإذا عمر يطوف بالبيت، فطفنا