شاء الله، فانصرف عمر إلى مجلسه (1).
ومما يدل أيضا على ما قلناه، ما كتبه معاوية إلى علي عليه السلام، وما كتبه علي عليه السلام في جوابه، وقد أوردت منهما موضع الحاجة.
كتب معاوية: انك كنت تقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى تبايع. يعير بهذا الكلام عليا عليه السلام بأنه لم يبايع طوعا، ولا رضي ببيعة أبي بكر حتى استكره عليها كالجمل المخشوش إذا لم يعبر على قنطرة أو شبهها، فإنه يكره ويخش لعبر كرها.
فكتب عليه السلام إليه الجواب عن هذا بما في نهج البلاغة، وهذا لفظه: وقلت اني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع، ولعمرو الله لقد أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه، أو مرتابا بيقينه، وهذه حجتي إلى غيرك قصدها، ولكني أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها (2).
وقد نقل كتاب معاوية وجواب علي عليه السلام عمدة علماء المخالفين، أعثم الكوفي في تاريخه بهذه العبارة: كتب معاوية: أما بعد، فان الحسد عشرة أجزاء، تسعة منها فيك، وواحد في سائر الناس، وذلك أنه لم يل (3) أمور هذه الأمة أحد بعد النبي صلى الله عليه وآله الا وله قد حسدت، وعليه تعديت (4)، وعرفنا ذلك منك في النظر الشزر، وقولك الهجر، وتنفسك الصعداء، وابطائك عن الخلفاء، تقاد إلى البيعة كما يقاد الجمل المخشوش حتى تبايع وأنت كاره، ثم اني لا أنسى فعلك بعثمان بن عفان على قلة الشرح والبيان، والله الذي لا اله غيره لنطلبن قتلة عثمان في البر والبحر