منافق. ولكن رأيناه رضي إمامتهم، وبايعهم، وصلى خلفهم، وأنكحهم، وأكل من فيئهم، فلم يكن لنا أن نتعدى فعله، ولا نتجاوز ما اشتهر عنه.
ألا ترى أنه لما برأ من معاوية برئنا منه، ولما لعنه لعناه، ولما حكم بضلال أهل الشام ومن كان فيهم من بقايا الصحابة، كعمرو بن العاص وعبد الله ابنه وغيرهما، حكمنا أيضا بضلالهم.
والحاصل أنا لم نجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله الا رتبة النبوة، وأعطيناه كل ما عدا ذلك من الفضل المشترك بينه وبينه (1)، ولم نطعن في أكابر الصحابة الذين لم يصح عندنا أنه طعن فيه، وعاملناهم بما عاملهم هو عليه السلام به (2).
أقول: انظر أيها اللبيب إلى هذا الرجل الفاضل كيف ظل خابطا متحيرا، مقيدا بقيد التقليد، لا يجترئ على التبري ممن تقدم على سيد الوصيين، مع هذه المعرفة بحاله عليه السلام، ونقله في شرحه عنه عليه السلام نقلا متجاوزا حد التواتر أنه عليه السلام كان يتظلم ويتألم مرارا في خطبه ومكالماته بعد أن ادعى الخلافة لنفسه، وكره بيعة الثلاثة كراهة شديدة، وهجرهم مدة مديدة، حتى آل الأمر إلى احضار النار لاحراق بيته، والجائه إلى البيعة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ومما يدل أيضا على ما ادعيناه ما نقله ابن قتيبة، وهو من أكبر شيوخ القدرية، في المجلد الأول من كتاب السياسة، أن عمر قال لعلي عليه السلام: ان لم تبايع نضرب عنقك، فأتى علي عليه السلام قبر النبي صلى الله عليه وآله باكيا قائلا: يا بن أم القوم استضعفوني وكادوا أن يقتلونني (3).
ومما يدل أيضا على ما ادعيناه، ما نقل عن البلاذري من علماء المخالفين، أن عمر