بابنيك، واستنصرتهم على صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يجبك منهم الا أربعة أو خمسة، ولعمري لو كنت محقا لأجابوك، ولكنك ادعيت باطلا، وقلت ما لا يعرف، ورمت ما لم يدرك، ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حركك وهيجك: لو وجدت أربعين ذوي عزم لناهضت القوم، فما يوم المسلمين منك بواحد، ولا بغيك من الخلفاء بطريف ولا مستبدع (1).
ويدل أيضا على ما ادعيناه من عدم رضاء علي عليه السلام بخلافة الخلفاء الثلاثة، خطبته الموسومة بالشقشقية والمقمصة، وهذه مشهورة معروفة بين الخاصة والعامة، والخطبة هذه:
والله لقد تقمصها فلان، وانه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه.
فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان بعده، ثم تمثل بقول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لاخر بعد وفاته، لشد ما تشطرا ضرعيها، فصيرها والله في حوزة خشناء، يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة، ان أشنق لها خرم، وان أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمرو الله بخبط وشماس، وتلون واعتراض.
فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة