قومك، ليس لك تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ولا أرى أبا بكر الا أقوى على هذا الأمر منك، وأشد احتمالا له واضطلاعا به، فسلم له هذا الأمر وارض به، فإنك تعش ويطل عمرك، فأنت بهذا الأمر خليق وبه حقيق، في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك.
فقال علي عليه السلام: يا معشر المهاجرين الله الله، لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، أما كان منا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بالسنة، المضطلع بأمر الرعية، والله انه لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا.
فقال بشر بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر، ما اختلف عليك اثنان، ولكنهم قد بايعوا، وانصرف علي عليه السلام إلى منزله ولم يبايع، ولزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع (1).
وفي شرح ابن أبي الحديد أيضا، قال: وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز، قال:
حدثني أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثني إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا ابن وهب، عن أبي لهيعة، عن أبي الأسود، قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بعد مشورة، وغضب علي والزبير، فدخلا بيت فاطمة معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة، فيهم أسيد بن حضير، وسلمة بن سلامة بن قريش، وهما من بني عبد الأشهل، فاقتحما الدار، فصاحت فاطمة وناشدتهما الله، فأخذوا سيفيهما فضربوا بهما الحجر حتى كسروهما، فأخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا.
ثم قام أبو بكر فخطب الناس، فاعتذر إليهم وقال: ان بيعتي كانت فلتة وقا الله شرها، وخشيت الفتنة، وأيم الله ما حرصت عليها، ولا سألتها في سر ولا علانية