وأي حق استؤثر به دونك؟ لقد علمت ما قالت الأنصار أمس سرا وجهرا، وما تقلبت عليه ظهرا وبطنا، فهل ذكرتك أو أشارت بك، أو طلبت رضاها من عندك، وهؤلاء المهاجرون من الذي قال منهم أنك صاحب هذا الأمر وأومأ إليك أو همهم بك في نفسه؟ أتظن أن الناس ضلوا من أجلك، أو عادوا كفارا زهدا فيك، أو باعوا الله تعالى بهواهم بغضا لك.
ولقد جاءني قوم من الأنصار، فقالوا: ان عليا ينتظر الإمامة، ويزعم أنه أولى بها من أبي بكر، فأنكرت عليهم، ورددت القول في نحورهم، حتى قالوا: انه ينتظر الوحي، ويتوكف مناجاة الملك، فقلت: ذلك أمر طواه الله بعد محمد صلى الله عليه وآله.
ومن أعجب قولك (لولا سابق قول لشفيت غيظي بخنصري وبنصري) وهل ترك الدين لأحد أن يشفي غيظه بيده ولسانه؟
إلى قوله: وأما ما تزعمه من الأمر الذي جعله رسول الله لك، فتخلفت اعذارا إلى الله، والى العارفة به من المسلمين، فلو عرفه المسلمون لجنحوا إليه، وأصفقوا عليه، وما كان الله ليجمعهم على العمى، ولا ليضربهم بالضلال بعد الهدى، ولو كان لرسول الله صلى الله عليه وآله فيك رأي وعليك عزم، ثم بعثه الله، فرأى اجتماع أمته على أبي بكر، لما سفه آراءهم، ولا آثرك عليهم، ولا أرضاك بسخطهم، ولأمرك باتباعهم والدخول معهم فيما ارتضوه لدينهم.
فقال علي عليه السلام: مهلا، ثم قال بعد كلام: ان أخسر الناس صفقة عند الله من استبطن النفاق، واحتضن الشقاق، وفي الله خلف عن كل فائت، وعوض عن كل ذاهب، وسلوة عن كل حادث، وعليه التوكل في جميع الحوادث، ارجع يا أبا حفص إلى مجلسك ناقع القلب، مبرود الغليل، فصيح اللسان، رحب الصدر، متهلل الوجه، فليس وراء ما سمعته مني الا ما يشد الازر، ويجمع الألفة، ويرفع الكلفة ان