بتلك المواشي راعيا يرعاها إلى الصباح فلما حضر النبي صلى الله عليه وآله ودعا بدعائه قام الذئب ورد الشاتين وقد قدم النبي صلى الله عليه وآله وقال يا محمد اعذرني فاني لم اعلم أنها لك فاخذ ضمرة الشاتين ولم ينقص منها شئ فقال ضمرة يا محمد ما أعجب شأنك وانفذ أمرك فبلغ ذلك إلى عبد المطلب فأمرهم بكتمانه فكتموه مخافة ان تأخذه قريش ويعملون في دمه.
(قال الواقدي) فبقي رسول الله صلى الله عليه وآله سنتين ونظر إلى حليمة وقال لها مالي لا اري اخوتي بالنهار واراهم بالليل فقالت له يا سيدي سألتني عن اخوتك هم يخرجون في النهار إلى الرعاء فقال لها النبي صلى الله عليه وآله يا أماه أحب ان اخرج معهم إلى الرعاء وانظر إلى البر والسهل والجبل وانظر إلى الإبل كيف قشرين اللبن من أمهاتها وانظر إلى القطايع وإلى عجائب الله تعالى في أرضه واعتبر من ذلك واعرف المنفعة من المضرة فقالت له حليمة أفتحب يا ولدي ذلك قال نعم فلما أصبحوا اليوم الثاني قامت حليمة فغسلت رأس محمد صلى الله عليه وآله وسرحت شعره ودهنته ومشطته وألبسته ثيابا فاخرة وجعلت في رجليه نعلين من حذاء مكة وعمدت إلى سلة واخذت منها أطعمة جيده وبعثته مع أولادها وقالت لهم يا أولادي أوصيكم بسيدي محمد صلى الله عليه وآله ان تحفظوه وإذا جاع فاطعموه وإذا عطش فاستقوه وإذا أعيى فاقعدوه حتى يستريح فقبلوا وصيتها وقالوا لها يا امنا ان محمد صلى الله عليه وآله لا عزنا وهو أخونا وأنفذت معهم عبد الله بن الحارث وزوجها بكر بن سعد فخرج النبي صلى الله عليه وآله وعلى يمينه عبد الله بن الحارث وعلى يساره زوجها بكر بن سعد وضمرة وقرة قدامه والنبي صلى الله عليه وآله بينهم كالبدر بين النجوم فما بقي حجر ولا مدر إلا وهم ينادون السلام عليك يا محمد السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا حامد السلام عليك يا محمود السلام عليك يا صاحب القول العدل مخلصا بالرضا لا إله إلا الله محمد رسول الله طوبي لمن آمن بك والويل لمن كفر بك ورد عليك حرفا تأتي به من عند ربك، والنبي صلى الله عليه وآله يرد عليهم السلام وقد تحير الذين معهم