نأمر لك بافراغ دار بجنب دارى وأعطيك كل شهر ألف درهم بيض ودست ثياب رومية وكل يوم عشرة امنان خبز حواري ولحما مشويا، فلما سمع أبوها عبد الله ذلك أوحى لها ان لا تقيمي عنده قالت يا أبا الحارث لو جعلت لي مال الدنيا ما أقمت عندك وتركت الزوج والأولاد قال عبد المطلب فإن كان هكذا فادفع إليك محمدا على شرطين قالت وما الشرطان قال عبد المطلب ان تحسني إليه وتنوميه إلى جنبك وتدثريه بيمينك وتوسديه بيسارك ولا تنبذيه وراء ظهرك قالت حليمة وحق رب السماء اني منذ وقع نظري عليه قد ثبت حبه في فؤادي فلك السمع والطاعة يا أبا الحارث ثم قال واما الشرط الثاني ان تحميله إلي في كل جمعة حتى أتمتع برؤيته فاني لا أقدر على مفارقته قالت افعل ذلك أن شاء الله تعالى فأمر عبد المطلب ان تغسل رأس محمد صلى الله عليه وآله فغسلت رأسه وزرقت جبينه ولفته في خرق السندس ثم إن عبد المطلب دفعه إليها واخذ أربعة آلاف درهم وقال لها تعالى يا حليمة نمضي إلى بيت الله الحرام حتى أسلمه إليك فيه فحمله على ساعده ودخل وطاف بالنبي صلى الله عليه وآله سبعا وهو على ساعده ملفوف بخرق السندس ثم إنه دفعه إليها ومعه أربعة آلاف درهم بيض وأربعون ثوبا من خواص كسوته ووهب لها أربع جوار رومية وحلل سندس ثم إن عبد الله بن الحارث أتى بالناقة فركبتها حليمة واخذت حليمة رسول الله صلى الله عليه وآله في حجرها وشيعه عبد المطلب إلى خارج مكة ثم اخذت حليمة رسول الله إلى جنبها من داخل خمارها فلما بلغت حليمة إلى حي بنى سعد كشفت عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله فأبرق من وجناته نور فارتفع في الهواء طولا وعرضا حتى التزق إلى عنان السماء (قال الواقدي) فلما رأى الخلق ذلك لم يبق في حي بنى سعد صغير ولا كبير ولا شيخ ولا شاب إلا استقبلوا حليمة وهنأوها بما رزقها الله تعالى من الكرامة الكبرى، فذهبت حليمة إلى باب خيمتها وبركت الناقة والنبي صلى الله عليه وآله في حجرها فما وضعته عند الصغير إلا وحمله
(٢٨)