مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٨٣
قم فاتح الباب للمأمون، ففتحت للمأمون والغلمان بالباب فدخل باكيا قد شق جيبه ولطم رأسه وهو يقول: يا سيداه فجعت بك يا سيدي، وأمر بتجهيزه وحفر قبره فحفروا الموضع فبدا نداوة فنبع الماء حتى امتلأ اللحد وبدا فيه حيتان صغار ففتت لها الخبز الذي كان أعطانيه الرضا عليه السلام لها فالتقطوا فإذا لم يبق منه شئ خرجت منه حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتى لم يبق فيها شئ ثم غابت فوضعت يدي على الماء وتكلمت بكلام علمنيه الرضا فنضب الماء، فقال المأمون: لم يزل الرضا يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته، فقال له وزير كان معه:
أتدري ما أخبرك به الرضا؟ انه أخبرك ان ملككم بني العباس مع كثرتكم مثل هذه الحيتان إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلط الله عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم، قال: صدقت، ثم قال: يا أبا الصلت علمني الكلام، قلت: والله نسيت الكلام من ساعتي وقد كنت صدقت فأمر بحبسي ودفن الرضا عليه السلام، فلما أضاق علي الحبس وسهرت الليالي دعوت الله بدعاء ذكرت فيه محمد وآل محمدا وسألت الله ان يفرج عني فما استتم الدعاء حتى دخل محمد بن علي فقال: يا أبا الصلت ضاق صدرك قم فأخرج، ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت علي ففكها واخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة يرونني فلم يستطيعوا ان يكلموني وخرجت من باب الدار ثم قال: امض في ودائع الله فإنه لن يصل يده إليك ابدا. قال أبو فراس:
باؤا بقتل الرضا من بعد بيعته * وأبصروا بعضهم من رشدهم وعموا عصابة شقيت من بعدما سعدوا * ومعشر هلكوا من بعدما سلموا لا بيعة ردعتهم عن دمائهم * ولا يمين ولا قربى ولا رحم وأكثر دعل مراثيه عليه السلام منها:
يا حسرة تتردد * وعبرة ليس تنفد على علي بن موسى * بن جعفر بن محمد ومنها:
يا نكبة جاءت من الشرق * لم تترك مني ولم تبق موت علي بن موسى الرضا * من سخط الله على الخلق وامسح الاسلام مستعبرا * لثلمة باينة الرتق سقى الغريب المبتنى قبره * بأرض طوس بل الودق أصبح عيني مانعا للكرى * وأولع الأحشاء بالخفق
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»
الفهرست