آيات ربك " فذلك كله حق، وليست جيئته جل ذكره كجيئة خلقه، فإنه رب كل شئ.
ومن كتاب الله عز وجل يكون تأويله على غير تنزيله، ولا يشبه تأويله بكلام البشر، ولا فعل البشر وسأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إنشاء الله تعالى وهو حكاية الله عز وجل عن إبراهيم عليه السلام حيث قال: " إني ذاهب إلى ربي " فذهابه إلى ربه توجهه إليه في عبادته واجتهاده، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله، وقال:
" وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج " وقال: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " فإنزاله ذلك: خلقه إياه.
وكذلك قوله: " إن كان للرحمن ولد فإنا أول العابدين " أي: الجاحدين والتأويل في هذا القول باطنه مضاد لظاهره.
ومعنى قوله: " فهل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " فإنما خاطب نبينا محمدا صلى الله عليه وآله هل ينتظر المنافقون والمشركون إلا أن تأتيهم الملائكة فيعاينونهم، أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يعني بذلك: أمر ربك، والآيات هي: العذاب في دار الدنيا، كما عذب الأمم السالفة، والقرون الخالية، وقال: " أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها " يعني بذلك: ما يهلك من القرون فسماه إتيانا، وقال: " قاتلهم الله أنى يؤفكون " أي لعنهم الله أنى يؤفكون، فسمى اللعنة قتالا، وكذلك قال: " قتل الإنسان ما أكفره " أي: لعن الإنسان، وقال: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " فسمى فعل النبي صلى الله عليه وآله فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله ومثل قوله: " بل هم بلقاء ربهم كافرون " فسمى البعث: لقاء، وكذلك قوله:
" الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " أي: يوقنون أنهم مبعوثون، ومثله قوله: " ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم " أي: ليس يوقنون أنهم مبعوثون، واللقاء عند المؤمن: البعث، وعند الكافر: المعاينة والنظر.
وقد يكون بعض ظن الكافر يقينا، وذلك قوله: " ورأى المجرمون النار